بينما أنا جالس ، أسلم من صلاة ظهر اليوم التاسع عشر من أيام شهر
رمضان 1401 ،
في أواخر صيف 1981 ، بمسجد دار السلام ، بالمحلة الكبرى ،
اذ أقبل تجاهي شاب بدا لي وكأنه خرج لتوه من خيمة من نور ،
يهمس بتواضع وأدب " أذاب أية أثارة من غرورى التنظيمي " !
الأخ محمد ؟ ... أخوك عادل القاضي ، ساكن هنا ، بجوار المسجد ،
ممكن أعتكف معكم ؟ ..
تفضل ، هذا بيت الله ... فلأحضر حاجياتي ونلتقي في العصر !
ويمضي كطير حط على غصن لبرهة ، كنسمة رفت بهاجرة ،
الهي ماهذا الأنس الذي لفني ؟! ماهذا الحب الذي غمرني من مجرد أطلالة ؟!
ظللت متلهفا ، أرقب الأذان ليحين ، ارمق الباب ليعود !
هاهو ذا يتألق ،
أهرع أليه مصافحا لكف لين حنون ،
متأملا لوجه متصوف وضيئ ،
محتضنا لقلب فسيح ظليل كحدائق غرناطة !
تقبل الله ..
يرد مطرقا هامسا ، منا ومنكم .. كم كنت متشوقا لخوض تجربة الأعتكاف معكم ،
كنت ثانوية عامة أدبي وسادخل كلية الأعلام بأذن الله ..
مبروك ، نفع الله بك ،
لدي طموح كبير ، فأنا أحب الصحافة !
عشر ليال من أواخر رمضان صحبتك فيها يا عادل ،
لم يزل نورك يملأ جوانحي ، فأتغذى عليه حتى اليوم ،
ليجعل محبتك في قلبي كالعروة الوثقى لاتنفصم أبدا !
سبقتك الى الدنيا بثلاث سنوات ، فجئتني حكيما كأب ، رؤوما كأم ،
مؤنسا كنديم ، رخيا كنسيم ، خاشعا كتسبيح ،
مرحا رشيقا كعصفور ، مصريا صميما كصفصافة ،
علمتني فيها وكأنك تلميذ يلفت النظر بأدب !
تلاصقت أقدامنا و أكبادنا في القيام ،
وامتزجت أرواحنا و دموعنا فى القنوت ،
وتناغمت أفكارنا ورؤانا في جلسات التلاوة والمدارسة !
هاجس غامض دفين غشيني مذ أن لقيتك ، لم ادرك كنهه الا يوم نعيك ،
أدركت أنك كنت طيفا شفيفا مر بدنيانا ، لم يسمح لأوضارها أن تعلق به ، ولا لغبشها أن يشوش عليه !
لشد ما حيرني أننا لم نلتقي أبدا في غير المسجد ،
وكأن محبتنا الأسطورية ، في الله ، ثوب أبيض ناصع يأبى أن يغبر ،
لنتوه بعدها من بعضنا فلا نلتقي أبدا !
أذهب شرقا فتتجه غربا ، أحضر الى المحلة فتغادر ، أرحل عن مصر فتعود ،
أجهد للوصول أليك فلا أستطيع ، لأعثر على هاتفك فلا أجده ،
لتخدعنا الأيام وتتسلل من بين أيدينا ، وكأن الغيرة تقتلها من لقيانا !
لتبقى لي أنت كظل وارف أتفيأه ، كخاطر ملح أمتثل له ،
ينبهني من غفلة ، يحثني على مكرمة ، يردني عن حماقة ،
يربأ بي عن صلف أو غرور ، يغمرني بالأمل ، يمدني بالمدد!
ليأتي نهار كسير حزين ، يذاع فيه نعيك ،
ليصدق حدسي القديم ، وليلفني فيه شعور طاغ بالحيرة واليتم !
أكثر من شهرين مرا ، وهم يبكونك ، ويتسابقون الى ذكر مآثرك ، وأنا بعد لم أزل متكورا فى ركن من سرادق عزاءك ،
أتنسم عبير سويعاتي النورانية في رحاب محبتك ، ولا أقدر على البوح ،
وها أنا ذا أكتب اليوم كلمات تبدو كأقزام أمام مشاعري العمالقة تجاهك !
شاء الله ياعادل ألا نلتقي فى الدنيا الا فى بيت من بيوته ،
فلتشفع لي يا حبيبي ، ليجمعنا – سبحانه – لنستكمل لقاءنا في جنة من جنات خلده ، على سرر متقابلين ،
طوبى لك .. أشفع لي ياعادل .
* فى رثاء ، أخى المرحوم ، الأستاذ / عادل القاضى ، الصحفى ، رئيس تحرير بوابة الوفد الالكترونية ومؤسس موقع أون اسلام.
مقال رائع
ReplyDeletegood article
ReplyDeleteوكأن محبتنا الأسطورية ، في الله ، ثوب أبيض ناصع يأبى أن يغبر ،.....بشرااااااااااااك ......بشراك ..اخى صادق المشاعر ...سيجمعكما الله على منابر من نور اجتمعتم فى حب الله ..فى بيت من بيوت الله .............مشاعر راقيه نحت بها كلماتك فأصبحت.........تنبض بالإحساس..... تحياتى ........................................................................ابداع ،،،،،،ا
ReplyDelete