الشخصية المصرية ، العاطفية المتقلبة
بين الأعجاب المفرط ، والسخط المهلك ،
بين التأثر الفياض ، والتحامل الظالم ،
بين التعاطف الشكلي الأجوف ، والقسوة العمياء ،
بين الأندفاع الكاسح ، والتبلد القاتل !
.. سيبقى هذا "وشم" مطبوع فيها ،
ولن يفيد الكبر في انكاره ، ولا الأماني في تغييره !
بل الأمر يحتاج الي مشروع وطني تربوي وتثقيفي ،
رائد ، صارم ، عملاق وطموح ،
ليبني الشخصية المصرية من جديد !
من ضمن ماكتبه العلامة د. جمال حمدان قبل نصف قرن ، فى مصنفه الكنز المعجزة ،
الذى وأدناه مثلما وأدنا كنوزا كثيرة ، فتنكبنا الطريق ،
وهنا على أنفسنا وعلى الآخرين !
وهنا على أنفسنا وعلى الآخرين !
يقول د. جمال حمدان : " نحن كشعب – لابد لنا بصراحة أن نعترف - لانحب فقط أن نمجد ونطري أنفسنا بحق وبغير حق ،
ولكننا أيضا نحب أن نسمع عن أنفسنا ما يرضينا ويعجبنا أو يرضي أعجابنا بذاتنا الوطنية وبشخصيتنا القومية !
بل أننا لنكره أشد الكره أن نسمع عن عيوبنا وشوائبنا ، ونرفض بأباء أن نواجهها أو نواجه بها ،
ولاتكاد توجد فضيلة أو ميزة على وجه الأرض ألا وننسبها الى أنفسنا ونلصقها بها !
وأيما رذيلة أو عيب فينا – ان هى وجدت على الأطلاق – فلا محل لها لدينا من الأعراب أو الأعتراف ،
وان أعترفنا بها على مضض وأستثناء فلها عندنا العذر الجاهز والمبرر والحجة المقنعة أو المقنعة ،
ليس هذا فحسب أو ليت هذا فحسب ، فما أكثر ما نقلب عيوبنا عن عمد الى مزايا ، ونقائصنا الى محاسن !
بل أسوأ من ذلك قد نتباهى ونتفاخر بعيوبنا وسلبياتنا ذاتها !
بل الملاحظ أننا كلما أزدادت أحوالنا سوءا وتدهورا ، كلما زاد تفاخرنا بأمجادنا وعظمتنا،
كلما زدنا هزيمة وأنكسارا كلما زدنا أفتخارا بأننا شعب محارب ،
وكلما زدنا أستسلاما وتسليما كلما زدنا تباهيا بأننا شعب سلام متحضر ..الخ !
أهو نوع من الدفاع الطبيعي عن النفس للبقاء ، أم خداع للنفس قاتل ، أم هو الأول عن طريق الثاني ؟!
أيا ماكان ، فنحن معجبون بأنفسنا أكثر مما ينبغي ، والى درجة تتجاوز الكبرياء الصحي الى الكبرياء المرضي !
ونحن نتلذذ بممارسة عبادة الذات ، فى نرجسية تتجاوز العزة الوطنية المتزنة السمحاء الى النعرة الشوفينية الساذجة البلهاء أو الهوجاء ،
أنه مركب عظمة بكامل أبعاده ، وبكل معنى الكلمة ، بل كما نرى حولنا بالفعل ، مقتل حقيقي كامن للشخصية المصرية !
فمن المحقق الذى لايقبل جدلا أو لجاجا ، أن كل مركب عظمة ، فعلي أو مفتعل ،
أنما هو " مركب نقص مقلوب inverted inferiority complex " ، أنه تعويض مريض عن شعور هو أصلا مريض أكثر ،
شعور بعدم الثقة ، بالعجز والقصور ، باليأس والضمور والأحباط والأنحدار .. ألخ !
وبديهي أن هذا الشعور يرجع فى حالتنا الى ميراث القرون والأجيال القاتمة الكئيبة من الأستعمار والتبعية ، والأستبداد والمذلة والتخلف والفقر .. أنتهى !
.. لايزال أمام شعبنا مشوار طويل ، ليتخلص مماعلق به ، من طول أمد الأستبداد والفساد، وضعف التثقيف ،
وغياب الالتفاف حول الغايات العظمى ، والأهداف المبدعة الخلاقة ،
ولكن حتما ستكسب مصر في النهاية ، بعدما تذرو رياح حضارتها الأصيلة ،
غبار الصغار العابثين !
غبار الصغار العابثين !
فنحن وان كنا قد تخلصنا بثورة يناير المجيدة من جزء كبير من النظام القمعي البوليسي الخشن ،
لنجد في انتظارنا ، بكل أسف ، نظام الميديا القمعي المسطح الناعم ،
وهو ليس أقل خطرا، فكم قوض من مجتمعات ، لكنه لن يوقف حركة النهضة و الاصلاح بالتأكيد !
كلماتي لاتنفي الايجابي ، فقط تستفز السلبي ، ربما بشكل صادم جرئ متعمد ، لانحبه ولم نتعود عليه ،
فكل نهضة ممكنة بتوافر الارادة الصادقة والتوافق الجمعي ،
ولدينا أعظم منظومة تربوية ونهضوية وهي الاسلام ،
لكننا لانجيد الاستفادة منه، فقط نجيد الخلاف حوله ! !
وبعد ..
فهل لدينا الشجاعة لنعترف أننا محتاجون لأن نتربى من جديد ؟! نعم نتربى .. ولن تقوم لنا قائمة حتى نتربى من جديد !
حينما أتفقد نفسي ، أجد أنني فى حاجة ملحة ومستمرة للتربية ،
أين ايماني الذى كان يدفعني لكل خير ؟! مالى أراه يراوح مكانه ؟!
أليس من التربيه أن أجدده ؟!
أليس من التربيه أن أجدده ؟!
أين لساني الذي كم تعفف عن الشتم ؟! ماله الآن يستسهله ؟!
أين عيني التي لم تكن تمل العلم والقراءة ؟! مالها تتسمر أمام " الميديا "
و" صنم التوك شوز " ؟!
و" صنم التوك شوز " ؟!
أين قدماي التى كم مشت فى الخير ؟! مالها تكلست واستمرأت الراحة ؟!
أين الايثار ؟! أين الصبر ؟! أين الحلم ؟! أين العبادة ؟!
ألم أقل لكم أنني محتاج للتربية ، الآن سأربي نفسي !
أين نحن من على كرم الله وجهه ، وهو المبشر بالجنة أذ يقول :
أقسمت يا نفسي لتنزلن ، لتنزلن أو لتكرهن !
أقسمت يا نفسي لتنزلن ، لتنزلن أو لتكرهن !
فحرى بنا أن نكره أنفسنا على الرجولة والبذل ، أن يبدأ كل منا بنفسه ويعن غيره ،
أن ننأى بأنفسنا عن فتنة الأرجاف والتناحر والتسافل وسوء الظن والتشاتم ،
أن ننصرف فورا من ساحة اللكاعة الى ساحة العمل ،
أن نعاهد الله أننا سنفر الى العمل والبناء وبث الأمل ،
نزرع شجرا ونبني حجرا ونتعلم ونعلم درسا ،
ونعين محتاجا ونغيث ملهوفا ونؤمن خائفا !
ونعين محتاجا ونغيث ملهوفا ونؤمن خائفا !
هيا لنربي أنفسنا ، نجبر كسورنا ونصلح ونسدد ونقارب،
هيا لنجعل كفة الكلام عندنا ، نصف كفة العمل !
.. لاتوجد أمة من الملائكة ،
من دواعي عظمة أي أمة ، نقدها لذاتها ، وتقويم نفسها ، للنهوض بأبناءها ،
عكس ذلك يسمى" شوفينية ".. تضخم للنعرة القومية!!
* شخصية مصر ، دراسة فى عبقرية المكان ، د.جمال حمدان ، دار الهلال ، الجزء الأول ، ص 26-28
Link : http://onislam.net/arabic/blogs/miscellaneous/131502-2011-07-12-13-47-49.html
No comments:
Post a Comment