Search This Blog

Sunday, July 24, 2011

يمامة

أبنتي " ياسمين " صاحبت يمامة ،
ترقبها كل صباح تحط على شباكها ،
وكأنها في حالة بحث عن الحب !
فى صباح مشمس جميل ،
حومت اليمامة كعادتها في خجل لتجد "ياسمين " قد أعدت لها متكئا ،
 ونثرت حبات قمح لاتزال تحتفظ بدفء كفها الحنون الصغير ،
 فوق عتبة الشباك الخارجية النظيفة الواسعة المغموسة في الظل والترحاب ،
 وقد توارت خلف شباكها في هدوء كي لاتخجل ضيفتها الرقيقة الهشة  !

حطت اليمامة فرحة بطيب الأستقبال وكرم الضيافة ،
 وأخذت تلتقط الحب المغموس في الحب ، وقد غشيتها الطمأنينة وبدا منها الأمتنان ،
 شبعت ورويت وتلفتت وكأنها تود أن تبث مضيفتها  " سيدة القصر " .. الأميرة الصغيرة  " ياسمين "
 شعورا بالفرح ، أن بادلتها الصداقة ،
 لتحلق هانئة بجناحين أحدهما للحب والآخر للحرية  !
غمرتني نورانية التجربة وملائكيتها ، فصرت أرقب لقاءات الغدو والآصال ..
تحط اليمامة ، بل وتحضر معها من يبدو أنها أحدى صديقاتها المقربات ، ليرتعن على شباك الحب والحرية ،
فأذا لم تجد " ياسمين " تتقافز وتروح وتجيئ ، ويشرئب عنقها الصغير صوب ماتعتقد أنه مكان وقوف " الأميرة " !
تنوح بصوت كله أشتياق ولهفة ، حتي أذا أيست من ألقاء تحية الصباح عليها ،
 حلقت متلكئة تتلفت ، علها تدركها قبل الرحيل  !
تصحو " ياسمين " لأحكي لها وأنقل لها تحية يمامتها ،
 تتمتم بفخر ، لشد ما أنا فرحة أنها حرة طليقة تحلق كما أرادها الله ،
 لتذكرني بمن قال :
قد كان عندي بلبل في قفص من ذهب
وكان يشدو دائما بكل لحن مطرب
ولم أكن أمنعه من مأكل أو مشرب
ففر مني ونأى بدون أدنى سبب
وقال لي : حريتي لاتشتري بالذهب  !
تنهدت قائلا ، هل تعرفين يا " ياسمين " قصة يمامة " عمرو بن العاص " التى كانت تعشش على فسطاطه بالأسكندرية ؟!
متلهفة قالت : هاتها يا أبي ، كي أحكيها ليمامتي  !
قلت ، ذكر الرافعي في كتابة وحي القلم  :
هكذا رأت الفتاة المسيحية " مارية "
( وهى وصيفة “أرمانوسة” التي تزوجت من “قسطنطين بن هرقل” وجهزها ابوها المقوقس لتسير إليه وكان معها الفتاة " مارية " )
وكان المقوقس قد اختارها لتكون كنيسة حية لأبنته وكانت شديدة التدين في المسيحية

عندما قرر عمرو بن العاص ان يعيدها لأبيها معززة مكرمة ،

 تناهى إلى سمعها أن عمرًا قد سار إلى الإسكندرية للقتال وظلت مارية تتابع الفاتح عمرو وتسأل عن أخباره بشغف !
 ثم شاع الخبر في كل مكان من أرجاء مصر، أنه لما أمر بفسطاطه أن يقوض ،
 أصابوا يمامة قد باضت في أعلاه فأخبروه فقال: “ قد تحرمت في جوارنا، أَقِروا الفسطاط حتى تطير فراخها ” فأقروه !
 ولم يمض وقت طويل حتى ماتت مارية وحفظت عنها ارمانوسة هذه الأبيات الرقيقة من الشعر:
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
تركها الأمير تصنع الحياة
وذهب هو يصنع الموت
هي كأسعد امرأة ترى وتلمس أحلامها
إن سعادة المرأة أولها وآخرها بعض حقائق صغيرة كهذا البيض
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
لو سئلت عن هذا البيض لقالت: هذا كنزي
هي كأهنأ امرأة ملكت ملكها من الحياة ولم تفتقر
هل أكلف الوجود شيئًا إذا كلفته رجلًا واحدًا أحبه؟
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
الشمس والقمر والنجوم كلها أصغر في عينها من هذا البيض
هي كأرق امرأة عرفت الحب مرتين
في الحب وفي الولادة
هل أكلف الوجود شيئًا كثيرًا إذا أردت أن أكون كهذه اليمامة؟
على فسطاط الأمير يمامة جاثمة تحضن بيضها
تقول اليمامة: إن الوجود يحب أن يُرى بلونين في عين الأنثى
مرة حبيبًا كبيرًا في رَجُلها
ومرة حبيبًا صغيرًا في أولادها
كل شيء خاضع لقانونه والأنثى لا تريد أن تخضع إلا لقانونها  ..
يا " ياسمين " ..!

2 comments:

  1. هل أكلف الوجود شيئًا إذا كلفته رجلًا واحدًا أحبه؟ ..تنساب كلمات حَكْيٍكك..... كالنبع الرقراق ..تشعرنا بدفئ العلاقه الجميله بين اليمامه وياسمين .. ابداع ........................................................

    ReplyDelete
  2. !! .. .. ( كل شيء خاضع لقانونه والأنثى لا تريد أن تخضع إلا لقانونها )..
    ... ..
    لإن : "عواطف الأنثى هي المنبع الفياض بما في الحياة الإنسانية من حبّ هو: أساس النظام والعدل والسعادة" .. .

    ..الشفافية والصفاء والرقة والعاطفة...

    هـم نــســيــج الأنــثــى .. ...


    تحياااا تى لليمامة ..وياسمين .. لإنهما إستدعوا لقلمك وفكرك
    التحليق فى عالم " اليمامة "

    .. لنستمتع فى ظلال روضة إبداعك الأدبى ..

    بعبير وشذى أحاسيس راقية ..
    دمت مبدعاً ..


    نــو ر

    ReplyDelete