Search This Blog

Tuesday, November 1, 2011

العَصّارة - الحلقة الثالثة

.. في نوبة ضحك طفولية نادرة ،
لفتت أنظار بنت الذوات ، الواقفة في البلكونة المقابلة للمحل ،
 تلبس قميصا بدون أكمام ، يكشف عن ذراعين كالجيلاتي ،
 لتلفت ضحكاتها أنظار حمادة ، فيطير عقله !

يا نهار أسود ، العمال رجعوا ، وعمي جي وراهم ،
 زمانه شافني ، استر يارب !

قاعد بتدلع ، هه ..
وسايب المكان مش نضيف ليه ،
أخفى روح ، رجع الشغل الورشة ،
حسابك لما ترجع ، أنا هعرف ازاي ابطلك الدلع ده ، امشي غور  ..
يسرع ، وكأن كلبا مسعورا يطارده ،
يحاول العودة بأقصى سرعة ،عسى أن يخفف ذلك من غضبة عمه ،
يدخل من باب المحل عائدا يتصبب عرقا ،
أيوه كده ، هو دا الشغل ،
 تفتح عينك بعد كده قبل ما تستلم حاجة ، فاهم ؟!
حاضر ،
شغل قرآن تمانية ، واطلع فوق ،
حاضر ،
لم يكد حمادة يجلس على كرسيه الخشبي ، الذي يضعضع مؤخرته الهزيلة ،
ليجفف عرقه ، ويلتقط أنفاسه ..
 حتى ينضب الهواء !
 يشفطه من المكان ،  ذو اليدين ،عامل العصارة ، بجثته المهولة ،
.. جاء لتصفية حساب اليوم ،
 يهرب ريق حماده ، وتغلق رئتاه أبوابها ،
 لشعوره بفداحة الثمن الذي سيدفعه ،على كوب العصير الذي تجرعه بدون اذن ،
أحصاه ذو اليدين ، وشربه هو .. ثم نسيه !
بصوت عميق ، مساء الخيير ،
تعال يا مصطفى ،
 حسابك كام النهاردة ؟!
خمستاشر قرش ،
ليه ؟!
سبعة كبير ، وواحد صغير ،
مخدناش صغير ،
حمادة ابن أخوك شربه ، في العصارة ،
لم يكد ذو اليدين ينهي جملته اللعينة ،
 التي كانت بمثابة اعلان حرب ،
 حتى صرخ العم ، كفرس النهر ،
واد ياحمادة ،
لم يعد لدى حمادة ريقا ، لينطق ، ولا نفسا ، ليرد ،
لم يدري بنفسه ، الا متدحرجا على السلالم ،
ازاي تاخد حاجة من غير أذن ؟!
وقبل أن يجيب ..
تجتاح جسده النحيل، عاصفة ساحقة ، من الصفعات واللكمات والركلات ،
 ياكداب ياسافل ، من ورايا يامجرم ، طب قوللي وأنا أجيبلك ،
ثور هائج .. يتصور حمادة كخرقة حمراء ، لن يهدأ حتى يمزقها !
.. أخيرا أستطاع ذو اليدين تخليص حماده من براثن الهلاك ،
مش كده ، وحد الله .. دا مهما كان عيل برضه ، ونفسه راحت لكوباية عصير من الحر .. ذو اليدين بتأثر ،
ما قلناش حاجة ، يستأذن ، أنا ماعنديش حد يكدب  .. ليفلت من ذي اليدين ، مسددا لحمادة ركلة في جنبه ،
ان ماربيتك ، هتجيبوا من بره ، طالع لأبوك يا وسخ ،
لا مالكش حق ، طب عشان قرآن ربنا اللي شغال ده ، خلاص ياسيدي ، خليها علينا المره دي .. ذو اليدين باستياء
ما قولتلك مش موضوع فلوس ، عايز الواد يبوظ مني ؟!
خد حسابك يامصطفى ، واتكل على الله ،
طب علشان خاطري تسيبه .. ذو اليدين باستعطاف ،
 قوم ياحبيبي أغسل وشك ، معلش ، دا مهما كان عمك ، وزي والدك ، ذو اليدين  بحنان،
قوم يامجرم ، اخفى من قدامي ، غور ، يالا أمشي روح !

يغور حمادة منكسرا ، يمسح أنفه بكمه ، من أثر اللكمات ،
يغمغم منتحبا .. خد باله من الكدب ، وما خدش باله من البهدلة والعطش في الحر ،
كل آلام جسده تهون ، الا ألم روحه ، التي أنصدعت لمعايرته بأبيه ،
 وتذكيره بوجيعته التي يجهد للهروب منها ..
 بالأستسلام للتعب والنصب تارة ، أوبالتظاهر بالغناء والتضاحك واللعب ، تارة أخرى !
سامحك الله يا أبتي ، كم يشقينا غيابك ، ويطفئ أنوار أيامنا ،
أيرضيك هواني ، وأنا أول ذكر تبشر به ، ليمد في عمرك ويباركه ..عمرك الذي تصر على نثره كهباء !
متى تعود لأفخر بك ؟! متي تصحبني في يدك لتفخر بي ؟!
لما لم تصحبني في يدك ، لأتفسح وتشتري لي الحلوى ؟!
كل الأولاد ذهبوا الى المدرسة لأول مرة بصحبة آباءهم ، الا أنا ، ذهبت وحيدا ،
تائها ، خائفا ، تتقاذفني الأرجل ،
 لأعود الى البيت باكيا ، فكل الأولاد عرفوا فصولهم ، الا أنا ،
حتى ظنني الناس يتيما !

واد ياحمادة ، أنت جيت ؟! .. بدري يعني ! 
مالك ، وشك مزرود كدا ليه ؟! حد ضربك ؟!
عمي ،
تلاقيك عملت حاجة غلط ،
شربت كوباية عصير بقرش ، من الحر،
أخدت الفلوس من وراه ؟!
لأ طبعا ، أنا ما اعملش كده ،
أمال نيلت ايه على عين أمك ؟! انطق ..
مفيش ، هموت من الحر والعطش ، رايح جاي أشيل في عصير ،
 وما حدش عنده رحمة ، يحس بيا ! وحضرتك مش بتديني مصروف ، وبخاف أطلب منه يضربني ،
تقوم تكدب ! الا الكدب ، حسك عينك تكدب أبدا ، أو تاخد حاجة مش ليك ،
يقوم يموتني من الضرب ، شايفة وشي ، شايفة ضهري ،
 يرضى بابايا يعمل كده في ابنه ؟!
باباك ، والنبي تتلهي على عين باباك ، هو المرار اللي بنشربه ده ، 
بسبب مين غير باباك !
مش اللي يكدب بيروح النار ، خلاص ، علقة عمك أهون من النار!
مش رايح له تاني أبدا ،
وحياة أمك ، من الصبح تروح تفتح المحل ، ورجلك فوق رقبتك ،
 وتراضي عمك كمان ، وتقوله مش هعمل كده تاني .. فاهم ،
يمضي الى سريره باكيا ،
اياك تنام من غير ماتتعشى ، نايبك في الأكل ، متغطي في المطبخ ،
 روح أغسل وشك وتعال كل !

بالكاد ، تكتم نحيبها ، حتى تلج الى غرفتها ، تغلق بابها لتنفجر ..
ياضنايا ياابني ، ان شاالله كنت انضرب أنا في قلبي وأنت لأ ،
ان شاالله تنشك ايد عمك اللي ضربك ، وينشك قلب أبوك اللي سابني وسابك للعذاب ده ،
معلش ياكبدي ، سامحني يا نن عين أمك ،مقدرش ألين معاك ، تقعد جنبي وناكل منين ؟!
بدري عليك يا حبيبي ، تكون أنت سندي وعكازي ، نصيبنا أنا وأنت كده !
الهي ، وأنت جاهي ، تهديه وتبارك فيه وتصبره ،
وتهدي أبوه ، و تحنن قلبه علينا ، بحق جاه الحبيب النبي !
تنتفض على الأذان ..
 تتشهد وتوحد ، تحولق وتبسمل ، تبتهل وتستغفر ،
 تتوضأ وتصلي  جالسة ، من صداع يكاد يفجر رأسها ،
تطل على حمادة نائما ، كعائد من سفر شاق ،
ليتجدد بكاؤها ، وينهمر دعاؤها ،
تأخذ وجبتها من الشاي والأسبرين ،
تجلس بشرفتها ، تلتمس في نسمة البكور ما يبرد نارها ،
يغشاها قرآن السادسة ،
 غلالة حريرية تلف قلبها .. " الله لطيف بعباده .. "
تشهق ، ياالله ، ألطف بحمادة ياالله ، أهدي جوزي يا الله ..
 تظل في توسلها ، كمجذوب تألق ، حتى يغلبها النوم في مكانها !

ياولاد ..
 الساعة كام ؟! أخوكو حمادة صحي ..
ايوه ياماما .. نزل من بدري ، راح لنينة ، وهيجيب الفطار ، أهو جه أهه ..
مش كنت تصحيني ياابني ، كده تخضني عليك ،
معلش ، يالا نفطر ، أتأخرت على المحل ،
ربنا يهديك !

يذهب حمادة ، وقد عصر على نفسه ، ألف ليمونة ،
تتلبسه روح تحد غريبة ، حتي حرارة الشمس ، لم يعد يعبأ لها ،
ففي كبده من اللهيب ، مايكفي !
يذهب فقط ..  برا بأمه ، وتأديبا لنفسه ، على فعلته اللي جابتله البهدلة ،
 وليثبت لعمه ، أنه شاطر ، ومش كداب ،
 وأن أبوه أحسن منه ، وسيرجع أفضل مما كان !
يؤدي عمله الروتيني اليومي ، حزينا منكسرا ، لايهمس ببنت شفه ،
يلحظه عمه ،
حمادة ،
نعم ،
أنت زعلان ؟!
يظل صامتا ..
أنا بقسى عليك ، علشان تطلع راجل ،
أوعى تكدب تاني ، الناس يقولوا علينا ايه ! لما تعوز حاجة قوللي ..
 بس أوعى تتمرع ، أكسر رقبتك ،
يمشى من أمامه ، وقد بدل صمته بكاءا !
تعال ، أنا مش بكلمك ، بتعيط ليه ؟!
أنا مش زعلان علشان ضربتني .. علشان عايرتني ببابا ،
ماهو باباك قاطع بينا كلنا ياابني ،
يشهق حمادة منسحبا ، تلاحقه تنبيهات عمه ..
 امشي عدل ، وخليك شاطر ، علشان ما تجبش لنفسك الضرب !

نسمة عابرة من الرحمة ترف على حمادة اليوم ،
 يستشعرها في معاملة عمه ، وفي خفة المشاوير نسبيا ،
ومن زوجة عمه ، التي أبدت مزيدا من الأهتمام به على الغداء ،
مما ساهم في تهدئة روحه المتعبة .. بعض الشيء  !

متلهف هو الآن على خيمة العصاري ، يستعجل انصراف الجميع لراحة الغداء ،
ظنا منه أن نسمة العصاري ، لاتحب وجوههم ، ولاتأتي في وجودهم ،
قبل أن يخرج كرسيا ، ليرتع و ينجعص ،
يفزعه طارق ومعه أحمد ،
 باندفاعهم فجأة من حيث يختبآن ..
 بخخخخ ،
خضتوني ،
فين الراديو اللي وعدتنا بيه امبارح ؟!
حالا ..
 بطرف عينه يلمح الحلوة الدلوعة ، نانسي ،
 مترقبة هي الأخري ، لتنصت متفرجة من شرفتها ،
 بدت تبرق من العز وفرط الأستحمام !
من كرسيه ..
 والكراسي الأنيقة المحندقة ، التي أخرجها الخادم ، للبيه الصغير ، طارق ،
أكتملت خيمة العصاري ، حيث الحب والضحك والفرح ،
آه ، ما أحلى الفرح ..  لايعيبه الا شحه وكثرة غيابه !
وشششش ، فزززززز ، زنننننننننننن ، ترررررررر ..
 يصفر، ويحرك أصابعه ، كمن يدير مؤشر الراديو ،
أعزائي المستمعين ..
 طارق وأحمد ، يتقافزان ويصفقان ..
 ومن شرفتها تفعل نانسي ، كأطفال في صبيحة العيد !
بالسلامة ياحبيبي بالسلامة ..
فريرة للعيل ، يا ابو العيال ميل ..
اززززززززززز، رررررر، سسسسسسسس...
فين هي زكية ، في الأوضة دي ..
أيها المواطنون ،
ياحلو صبح ، ياحلو طلللل .. نهارنا أبيض ، نهارنا فلللل ،
اذاعة فلسطين ،
صوت العرب من ..
 الأرض بتتكلم عربي ، الأرررض الأرررض ..
يفيق من تجليه واستغراقه ،
 ليجد جمهوره فطسان من الضحك ، بل ازداد عددهم بقدوم متابعين جدد ،
 تصبغ وجوههم الدهشة ، من هذا الراديو الصغير الجميل !

بقرب رجوع عمه ، تنفض خيمة العصاري ،
 ليقضي بقية يومه ، ساكنا سارحا ، يجتاحه حنين طاغ لرؤية أبيه ،
 للذهاب الي البيت مبكرا ، ليقف بالبلكونه مزاحما أمه وأخوته ،
 يشمون الهواء ويتسامرون ، وسط الذرة المشوية والتسالي ،
 السوداني السخن المقرمش ، والجيلاتي المبهج الفاتن ،
 يتراصون ..
 لمشاهدة الرائح والغادي ، لعب الصغار وشجار الكبار ،
 صخب المقاهي و تعاليق الأفراح ، أصوات المآذن ومووايل الباعة ،
 شبابيك الحب ، وشرفات الثرثرة ! 
يحلم بقوة خارقة ، تحمله ليجثو على ركبتيه ، وسط أصحابه ،
 ملطخا بالصمغ ، غارقا فى الورق الملون وأعواد البوص والخيوط ،
 ليصنع طائرته الورقية الملونة ، ومن فوق السطوح ..
 يصعد بها الى السماء ، ليحلق مع أصحابه !
 ليصنعون كرة شراب ، يتشاجرون عليها أكثر مما يلعبون بها ،
 ليكوم مع أصحابه ، كومة ضخمة من كل لعبهم ، ولعب الدنيا كلها ،
 الليدو والسلم والثعبان ، البلي والنحلة ، مضارب الراكت والبنج بونج ،
 صندوق السيما الكرتوني العجيب ، الأستغماية ، نط الحبل والحجلة .. كل الألعاب ،
 ليلعبها معهم ، لايملون ، ولا يشبعون ، ولايكبرون !

حمادة ، واد ياحمادة ..
نعم ، حاضر ، جي ..
أنت انطرشت ، مش هتبطل تسرح ،
روح لطنط – زوجة عمه – وصلها السنترال تكلم البلد ،
وبعدين وديها عند نينة ، وروح أنت ،
حاضر ،
تعال .. جالك بقشيش كام النهاردة ؟!
أربعة صاغ ، بكف صغيرة مرتعشة ، يضعها أمام عمه ،
خد ، جمدتهملك ، شلن .. أوعى تضيعه أو تصرف منه حاجة ،
 تروح تديه لمامتك ، فاهم ،
حاضر ،
يصحب حمادة زوجة عمه ، الى حيث السنترال،
فهي غريبة عن المدينة ولم تحفظ شوارعها بعد ،ومنه الي جدته ،
 يباغت جدته دون قصد ، ليجد أبناء عمه أحمد ، يتحلقون حولها ،
توزع عليهم ما يبدو أنه جاتوه فاخر ،
 مما يحضره أبوهم لدى عودته من سفره المتكرر في شئون تجارته ،
 تشعر بحمادة ، فتسارع الى تفريق الأولاد ،
 ودس علبة الحلوى في دولاب ملابسها المشرع ،
 تغلق عليها بمفتاح صدئ ، تعيده الى صدرها ، لتلتفت مرتبكة ،
 ياد النور ياد النور ، أهلا بعروستنا ،
 أهلا بك يا نينة ،
 خطوة عزيزة ،
 يعز مقدارك ،
 جيتي مع حمادة ؟!
 والنبي ياحمادة ، ان شاالله تعيش ، خد هاتلي طحينة ،
 أصل خلصت ، وزمان جدك جي يتعشا ،
 حاضر ،
بخطى متثاقلة ، يمضي .. متسائلا ،
 لماذا أخفت جدته ، الحلوى منه  ؟! أهو خوف من أن يلتهمها كلها ؟!
كيف وهو ليس أكولا ، بل يلتقط طعامه نتفا ، كالعصافير !
 لماذا تفضل أبناء عمه أحمد ، عنه هو وأخوته ؟!
 هل يحترقون في الشمس لقضاء طلباتها ، مثلما يحترق هو ، كل يوم ؟!
 لم يبق من سبب الا أن أباهم موجود وينفعها ،
 أما أبوه فلا وجود له ، ولا نفع منه !
 كل يوم يكتشف حمادة حجم الضروالهوان ، الذى يتسبب فيه غياب ابيه !
 لقد كسرت جدته قلبه ، بانكشاف نفاقها و نفعيتها وابتزازها  .. لابأس ،
 كأنه يخدمها عوضا عن أبيه ، سامحهما الله .
يلقاه جده على ناصية الشارع ، غير مصدق ،
 يفتح ذراعيه الطوليتين ، كدلتا النيل  ..  أهلالالالا ، حمادة ،
حضن كبير لجدو ..
 ليغطس في حضن جده ، القوي الدافئ ،
 يغيب فى توليفة من روائح العرق والقرنفل ، القهوة والسجائر ،
 يتشبث بجده ، ليروي ظمأ للحنان ، يكاد يقتله ،
 يود لو يقضي بقية عمره في حضن جده الفردوسي ،حيث الخلود بلا خوف ،
 تنزل قبلات جده على خده النحيل ، كقطرات ندى ، على ورد ذابل !

هات لعمك حمادة ، اللي نفسه فيه ، يا زقزوق ..
( جده المعلم جميل ، مداعبا زقزوق الحلواني )
 اؤمر يا معلمي  .. تعالى يا غالي يا ابن الغالي ،
 يقف حماده ، أما فاترينة العم زقزوق الحلواني ،  مندهشا ،
يسكره عبق المانجو و الفانيليا ، متحيرا بين أصناف الحلوى ،
 تارة ،
 وبين كتلة الجيلاتي البيضاء الضخمة ، التي يلفها زقزوق ،
 ثم يدفعها بعصا خشبية في الماكينة ،
تمهيدا لأغراقها بالمانجو أو الشيكولاته والمكسرات ، تارة أخرى !
 عايز بسبوسة بالقشطة ، وجيلاتي بالمانجة ،
 بس كده ، غالي والطلب رخيص .. هات له  يازقزوق ،
 وحياة النبي تخليها علينا المرة دي ، يا معلمي ،
تعيش يا زقزوق ، أدها وأدود ياابني ، تسلم

ايه النور ده ، عروستنا هنا !
 تهرع زوجة العم الي يد جده تقبلها .. خدامتك يا حاج ،
 يسحب يده بقوة ، حاشا لله ، يا ست الكل ، خطوة عزيزة ،
 يعز مقدارك ، ويخليك لينا ،
 هيه ، عاملين ايه ، مبسوطين ،
 رضا الحمد لله ، بحسك في الدنيا يا حاج .
شغل قرآن تمانية يا حمادة ،
 هيه ، مين هيسعدنا الليلة بالتلاوة ، ياحبيب جدك ،
 فضيلة مولانا الشيخ محمد صديق المنشاوي ،
 الله أكبر ، روح ربنا يزينك بنور كتابه الكريم ، بحق جاه الحبيب النبي ،
 هيه ، ومين اللي بيقول تقديم التلاوة ده ؟!
 فضيلة مولانا الشيخ أحمد الشرباصي ،
 اللهم صلي على جمال النبي ، الله ينور عليك ،

أجيب العشا يا حاج ؟
 وماله يابنتي ، نفسي مفتوحة علشان حبيبي معايا الليلة ،
 يحتضن حمادة ويمسح على رأسه ،
 هيه ، هتتعشى مع جدك ؟
 شبعت من البسبوسة والجيلاتي ،
( سارحا .. أخفت جدتي مني حلواها ، لأشبع من حلوى جدي )
 يفرغ جده من عشاءه الخفيف ، لتبدأ التلاوة ،
 يضع حمادة رأسه في حجر جده ،
 ليلفها أنس التلاوة الغضة الطرية ، على حنان جده الدافئ الغامر ،
 فيسحبان من رأسه الصغير كل مشقة وألم ،
 ثم ينسابان الي صدره وقلبه ، ليزيلا في طريقهما كل حيرة وغضب ،
 ويظلان يطهراه ويغسلاه ، لتغشاه سكينة لم يعرفها من قبل ،
 وراحة لم يذقها من زمن .. لينام كطفل برئ !
ينتفض على صوت جدته ..
 حمادة ، قوم ياضنايا ، نام على سرير جدك ،
بالكاد يفتح عينيه ،
لأ ها روح البيت ، ماما زمانها قلقانة عليا ،
خليك مع جدك ، علشان تصلي معاه الفجر فى الجامع ،
لأ أروح البيت ،
يحتضن جده ويقبله ،
أغسل وشك الأول ، علشان تفوق ،
مع السلامة ياابني ، خد بالك من السكة ، 

21 comments:

  1. روح ..ربنا يزينك بنور كتابه الكريم بحق جاه الحبيب النبي ...الله ينور عليك

    ReplyDelete
  2. سبحان الله ..الحنان والعطف والابتسامة والكلمة الحلوة لها تأثير السحر فى نفوس الناس ومع ذلك نبخل بهم على من حولنا حتى ليذكرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم "تبسمك فى وجه اخيك صدقة "و"احب الاعمال الى الله سرور تدخله على قلب مسلم"...احزن كثيرا عندما اجد ناس محرومين من الحنان فى وسط عائلتها وتبحث عنه عند الاخرين ....حماده نموذج لاطفال كثرة محرومة من الحنان والعطف وتشعر باليتم رغم وجودها فى بيوتها مع والديها...فلم نقسو عليهم الظروف وحدها ولكن قلوب من حولهم ايضا....كم استمتعت بهذه الحلقة وما فيها من وصف دقيق لكل المشاهد تجعل قراءتها كرؤيتها بالظبط بكل تفاصيلهاوالوانها وتوصل الاحساس بمشاعر الشخصيات من فرح وضيق وحزن وقسوة وحنان.....فجزاك الله عنا خيرا ....وفى انتظار الثلاثاء القادم بفارغ الصبر .......عبير هبه

    ReplyDelete
  3. كم احب هذا الجد وادعوا له بالرحمه لانه الوحيد الذى كان يحنو على هذا القلب الغالى ،يا لهف قلبى على قلبك يا ................ حماده

    ReplyDelete
  4. Yasmine Mohamed SalahNovember 1, 2011 at 3:22 PM

    ثور هائج .. يتصور حمادة كخرقة حمراء ، لن يهدأ حتى يمزقها ! كل الأولاد ذهبوا الى المدرسة لأول مرة بصحبة آباءهم ، الا أنا ، ذهبت وحيدا،
    تائها ، خائفا ، تتقاذفني الأرجل ،
    لأعود الى البيت باكيا ، فكل الأولاد عرفوا فصولهم ، الا أنا ،
    حتى ظنني الناس يتيما !
    يفتح ذراعيه الطوليتين ، كدلتا النيل .. أهلالالالا ، حمادة ،
    حضن كبير لجدو ..
    ليغطس في حضن جده ، القوي الدافئ ،
    يغيب فى توليفة من روائح العرق والقرنفل ، القهوة والسجائر ،
    يتشبث بجده ، ليروي ظمأ للحنان ، يكاد يقتله ،
    يود لو يقضي بقية عمره في حضن جده الفردوسي ،حيث الخلود بلا خوف ،
    تنزل قبلات جده على خده النحيل ، كقطرات ندى ، على ورد ذابل !
    ( سارحا .. أخفت جدتي مني حلواها ، لأشبع من حلوى جدي )
    تعبيرات فى قمه الروعه والجمال .كل حلقه يزداد ،الابداع والتشويق مع حماده البرىء، وامه المسكينه،وجده الحنون ,انا فى انتظار عوده بابا حماده ..فعلا تعصرنا العصاره مع حماده بالامه وحيرته
    !!

    ReplyDelete
  5. Beshoy Nabil KadamosNovember 1, 2011 at 3:35 PM

    رائعه كعادتك , ما أجمل أسلوبك الوصفى فقد جعلتنى أرى الأحداث لا أقراها :)
    أعجبنى إن حمادة يجد فى جده ما لم يجده فى جدته , فالله لا يترك عباده فى تلك الحال بدون ما يطيب خاطره و يحافظ على مشاعره فهو يحافظ علينا من كل سوء و جرح حتى جرح المشاعر :)

    ReplyDelete
  6. اصبحنا ننتظر يوم الثلاثاء لنكون بصحبة حمادة ..بالتوفيق دايما استاذنا

    ReplyDelete
  7. جميييييلة وحزينة, وفيها نفحة أمل رغم كل العتمة

    ReplyDelete
  8. كالعادة اسلوب رائع ومشوق ..نسبة الحزن فيها اليوم كبيرة ،الا من انامل الجد الذي ازاح الكثير من الالم ..

    ReplyDelete
  9. حقيقى مش عارفه اقول ايه لتفتكرلا انى بجامل بس الموهبد الرائعه دى فى الكتابه لازم تستغل خساره بجد

    ReplyDelete
  10. حلقه ممتعه. في انتظار الحلقه القادمه.

    ReplyDelete
  11. الحلقة دي هايلة - تسلم ايدك

    ReplyDelete
  12. صباح الخير يامبدع أحببت كثيرا طريقة سردك وشدتني وكأنني أشاهد مسلسل لن أعيش في جلباب أبي .. أتمنى أن أتابع بقية الحلقات باذن الله

    ReplyDelete
  13. كما عهدناك دائما مبدع أستاذ محمد وافر تحياتي و ننتظر قادمك بلهفه

    ReplyDelete
  14. جميلة اوى... صعب عليا حمادة جدا وكمان اكتر حاجة اثرت فيا احساس امه.. المشاعر المتضاربة دى اللى ميقدرش يفسرها الابن.. :"(

    ReplyDelete
  15. لقد إستأذنت من في صحبتي علي العشاء الآن لأشكرك، وبدأت أحدثهم عما تنسجه من مفردات مصرية في روائع القصص، شكراً لك :)

    ReplyDelete
  16. نشكرك على ماتتيحه لنا من وقت مستقطع جميل نقضيه مع كتاباتك ألرائعه،وفقق الله

    ReplyDelete
  17. تسلم ايدك ويسلم قلمك يا فنان يا مبدع , عصرتنا من جوة , كلها شجن ومشاعر انسانيه عالية مش اي حد يحسها

    ReplyDelete
  18. بصراحه الحلقات كل حلقة بتزيد حلاوة متشوق لباقى الحلقات

    ReplyDelete
  19. رائعه كالعادة .. أم حماده و جعت قلبى أوى. يوم الثلاثاء بقى مميز عندى على فكره علشان حلقة العصاره بالتوفيق دائماً إن شاء الله

    ReplyDelete
  20. محمد العدويDecember 6, 2011 at 10:10 AM

    رااااااااااااااائع

    ReplyDelete