Search This Blog

Wednesday, November 23, 2011

العَصّارة - الحلقة السادسة

بعد أيام ، يأخذ كل بيت دوره ، في تأبين شهدائه ،
 ويأخذ كل حي دوره ، في الأحتفاء بأبطاله ،
 الذين يعودون منتصبي القامة ، مرفوعي الرأس ،
 تتناثر عليهم التحايا ،
 وتلاحقهم نظرات أنبهار ..
 جعلت حمادة يستحضر ، المشهد المزري المهين ،
 الذي طالما أذل قلبه الصغير ، وسحق روحه البكر ،
ابان النكسة ، وهو لم يزل بعد في السادسة من عمره ،
عقب كل جمعة ، في حر يونيو الثقيل  ، يغص الشارع الرئيسي ،
بسيارات الجيش المنهزمة ، الكئيبة المتهالكة ، تنوء بحملها من الجثث ،
 يتبعها جنود تعساء ، صفر الوجوه ، في ملابس كاكية رثة ،
 يحملون محفات ملوثة بدماء مسودة ، تعلوها بقايا من فروا بأرواحهم ،
 من هول الصدمة وخيبة الأمل ،
 تشيعهم أبواق السيارات ، حاملة النعوش ، القابضة المرعبة ،
 ويغطيهم غبار تمرغ الثكالى في التراب ،
 اللائي يكاد صراخهن وعويلهن ، يوقظ الشهداء من نومتهم ،
 ينظر الجرحى من فوق محفاتهم بعيون كليلة حسيرة ،
 الى حشود حزينة ، مغبرة الوجوه ، منكسة الرؤوس ،
 ترافق موكبهم البائس الحزين !

يتيه حمادة فخرا ، بينما يسير متدليا من ذراع عمه منعم ،
 بطل الصاعقة الضخم المهول ،
 كسنجاب ، يتعلق بأسد ،
 يلازمه من بيت الي بيت ، ومن صحبة الى أخرى ،
 يجلس كمارد ، ليحكي أقاصيص النصر ،
 بين تكبير واعجاب ، ومصمصة شفاه !

يهل على حمادة صيف آخر ..
 ينعم فيه بهدنة ، تبدو غير مستقرة ، مع الأيام ،
 بتواجد أبيه بين ظهرانيهم ، وانتظامه الى حد ما في عمله ،
 برشات العطر التي ينتعش بها قلبه ، من حضن جده ،
 بازدياد اعتماد عمه عليه ، وحرصه على عدم أهانته ،
 لألمامه  بشئون المحل والمهنة ، والورش والزبائن ،
 يزين ذلك كله شعور جديد ولذيذ يجتاحه ،
 بعد أن غلظ صوته ، وهل هلال شاربه ، وانتصب عوده ،
 و تخطى النظرة الطفولية للبنات من حوله ،
 ليعيش حالة ذهنية مثيرة ،
 تنشغل بالمعنى الجديد للحب ، وتبحث عنه ،
حالة .. تؤججها في وجدانه رائعة العندليب الجديدة ، فاتت جنبنا !

لكن لأنه ولد ، بلا وقت ، وحرم من ترف الفراغ ،
 فلم يجد وقتا يمارس فيه هذا الشعور اللذيذ الذي يحلم به ،
 وتدفعه أغنيات العندليب ، ليبحث عنه ،
 أقصى ما يتبقى له ، بعد اللهاث في مشاوير أمه وجدته .. والمحل ،
 بالكاد يكفي لتسبيلة عين ، وربما تنهيدة ،
 ليردعه النوم من الأسترسال !

سرعان ما ينهي حمادة مرحلته الأعدادية ،
 بنهاية أيام جده الحبيب ، واغلاق أبواب جنته ،
 وفتح باب شعوره ، باليتم من بعده ،
 ونهاية سيرة المعركة ، لتفتح سيرة السلام ،
 ونهاية ايام فخر ، عمه البطل منعم ،
 ليسقط في بئر الأكتئاب !

تنتشر سحب العودة الي الدين في انحاء مصر ،
 لتمطر ،
 بخروج الأخوان من المعتقلات ،
 ليسابقوا الزمن للأنتشار ، ورص الصفوف لتعويض ما فات ،
وغسل آثار الأشتراكية العلمانية ، من وقع أقدام الناصرية ،
ليجدوا أنفسهم في منازلة مع السادات ، ومشروعه التطبيعي مع الصهاينة ،
يعود الهوان الي بيت حمادة ،
 دافعا الباب بقدمه الغليظة ،
 ليطفئ الأنوار،
 و يفرش الصمت ،
 ويلف رأس أم حمادة ،
مرة أخرى ، في الصداع ،
ليهرب منه حمادة ، الى المسجد ،
 بصحبة عادل الزيني ، الذي استشيخ !

يبتعد مشوار حمادة قليلا ..
 الي مدرسته الثانوية العسكرية ، في زمن السلام !
لتتجرأ الشمس على لسعه من جديد ، بعد غياب جده ،
 وتزحزح أبيه رويدا رويدا ،
 مبتعدا عن البيت ، مقتربا من المقهى !

يذهب حمادة متباطئا الي المدرسة ،
 ويذهب السادات مسرعا الى القدس ،
لتعتري حمادة ، حالة من الحزن الشفيف ، والشجن العميق ،
وهو على مشارف الثانوية العامة ،
تدفعه لتلمس رائحة جده في المساجد ،
و استحضار دفء حجره ، في الأستماع الي القرآن ،
وتعلمه وحفظه وتلاوته ،

كغريب بمحطة قطار مصر الرئيسية الضخمة ،
 يتقافز حمادة بين أرصفة الحقبة التي سينطلق منها ،
 باحثا بين قطارات الأتجاه الأسلامي ، عما يتوافق مع ميوله وفكره ،
 ليتعلق به ، ممسكا بيده ، زهوره التي اقتطفها :
.. زهرة من بستان تدين جده السمح ، الذي غمسه في رياض المساجد ،
 وأجلسه عند أقدام علماء الأزهر الأكابر ،
 وسكب في وجدانه حب التنزيل ، وعود أذنيه حلاوة الترتيل ،
.. وزهرة من بستان عمه ، عالم اللغة العربية ،
 الذي عرفه على الأمام محمد عبده، ورشيد رضا ،
 والأمام شلتوت ، والشيخ الشرباصي ، والشيخ الغزالي ،
 و شغفه ببرنامج لغتنا الجميلة
( حتى صار الأستماع اليه طقسا أساسيا من طقوس حياته )
 مما عمق لديه حب اللغة العربية ،
 وأكسبه سليقة مبهرة في سلامة النطق ،
 و موهبة ساحرة في حلاوة التعبير،
وزهور عدة ..
.. من حبه للموسيقى والفنون ،
.. ومن متابعته الجيدة للأحداث المحلية والعالمية ، والمامه بها ،
من خلال التصاقه بالراديو طوال اليوم ، واطلاعه على الجرائد ،
.. من حياته الودودة السمحة المنفتحة ، مع جيرانه وأصدقائه على مختلف دياناتهم ،
 وأخيرا ،
..  من مكابدته المبكرة للحياة ،
التي علمته الصبر ، وسعة الحيلة في ابتكار الحلول ،
و خبرة التعامل مع الناس ، والفراسة في فهمهم  ، والقدرة على أقناعهم !

سيطر على حمادة شعور بأنه كبر ، ولم يعد صغيرا ،
 وأن الوقت قد حان ، ليخرج من مثلث الأعتصار الضيق
 ( بيتهم الذي هجره الأب ، وبيت جدته الذي توفي عنه الجد ، ومحل عمه الذي سيضيع فيه العمر ) ،
 هذا المثلث الذي طالما أضجره و أنهكه ،
 كي يشارك في عمل شيئ ، من أجل دينه وأمته ،
 بعد أن رأى سوق الأنتصار ينفض ، ليقام سوق الأنبطاح !

ضاقت مساحات مزاحه و ضحكه ، لتتسع مساحات تأمله وصمته ،
 تقدم المكث بالمسجد ، على العمل بالمحل ،
 طمس ترتيل القرآن ، طرب الأغاني ،
 وأضحت الصلاة ، خير من النوم !
بدا عمه ، والعاملين بالمحل ، أكثر احتراما للوقار الذي غشيه ،
وللحزن الذي اجتاح عينيه ،
وصارت أمه لاتراه الا راكعا ساجدا ، أو مرتلا باكيا ، أو حزينا شاردا !
  يفتقده أصدقاؤه ، لألتصاقه بعادل الزيني ، الذي يمر عليه بالغدو والآصال ،
 لصلاة الجماعة وجلسات التجويد ، ودروس العلم ،

تغرق أم حمادة في كنبتها الأسطمبولي ، سارحة في دنياها العاقة ،
 يتنازعها شعور بالراحة ،
 لولوج ساعدها الأيمن ، حمادة ، الى أنبوب التدين المعقم ، الذي يضمن لها دوام استقامته وبره ،
 وشعور بالخوف والقلق ،
 من أن تشغله المساجد عن العمل ، فيهتز بنيانهم الذي لايحتمل نسمة هواء تمر بجواره !
 بينما هي دائخة ، في دوامة الحيرة والوحدة والصمت ،
 يفزعها جرس الباب ، لتطل برأسها متثاقلة ، مين ؟!
السلام عليكم ، ازيك يا أمي ، فين الأخ حمادة ؟!
يا حمادة ، يا حمادة ،
كلم الشيخ عادل !
السلام عليكم ، كيف حالك يا أخي ؟! عادل مصافحا ومعانقا بحرارة !
الحمد لله .. حمادة ، بهدوء
عايزين نلحق محاضرة الشيخ عبد الهادي ، في أنصار السنة ،
تاني ! حمادة متعجبا ، محتجا .. يستطرد ،
يا أخي ، قعدتني ساعتين المرة الماضية ، لما صدعت ، ولم أفهم جملة مفيدة ،
حتى الكتب المجانية ، بتاع السعودية ، الي وزعوها علينا ،
 كتب غريبة ،  عن العقيدة الواسطية ،
 ومحمد بن عبد الوهاب ، وحاجات كلها مش مهمة بالنسبة لي !
لاحول ولاقوة الا بالله ، ياأخي اتق الله ، عادل غاضبا ..
 مش تفهم عقيدة التوحيد الأول ، وتتعرف على مزالق الشرك ، لتجتنبها ،
 أمال تبقى مسلم ازاي ؟!
أنا مسلم وموحد بالله ، واعرفه جيدا ، والحمد لله ،
 ما قرأته في العقيدة ، للشيخ شلتوت ، والشيخ الغزالي ،
 أراه كافيا لتغطية هذا الجانب ، و لاحاجة لي بهؤلاء الذين يضيعون وقتي !
ووقتك الثمين ده ، محتاجه فى ايه ، ان شاء الله ، يا أخ حمادة ؟! عادل متهكما ،
نفسي أفهم الشباب ، تصور جميل وشامل للأسلام ،
 الأسلام اللي بيحترم الأنسان .. أي كان ، وييسر له كافة سبل السعادة ،
 بدفعه الى أن يكون دوما في المقدمة ، في كافة المجالات ،
 في العلم وفى الثقافة ، في الفن وفى السياسة ،
 في الحرب وفي الصناعة ، في الرياضة وفى التجارة ،
 نفسي أمتنا  تعيش حياتها متماسكة ، موحدة ، على أحدث النظم ،
 وتسخر كل طاقاتها ، من أجل دفع الشباب ، للثقافة والعلم ، والرياضة والفن ،
 ولكن بصبغة اسلامية حضارية منفتحة ، سمحة معتدلة ،
 يعتز بها كل أبنائها ، حتى غير المسلمين منهم ،  لننعم بالقوة والأمن والرفاهية !
طب ازاي ؟! عادل مندهشا ،
أمتنا دلوقتي بتتعرض لهجمة شرسة ، بتهدد وجودها نفسه ،
 والأولى اننا نوحد المسلمين ، على الحد الأدنى من الثوابت ،
 و نحشد الجهود الدعوية الدينية ، للحث على الأخوة والوحدة الوطنية ،
 والعمل والأبداع في كل المجالات ، حتى لايزداد البون اتساعا بيننا وبين أعداءنا ،
 ونصحو يوما على ضباع تتخطفنا ، واحنا قاعدين نهدر الوقت في الكلام عن العقيدة الواسطية !
آدي آخرة الراديو ، والجرايد ، وبتوع الأزهر اللي بتسمع لهم ،
 قال مش مهم عقيدة واسطية قال ، أستغفر ربنا يا أخي .. عادل ، غاضبا ،
اللي انته بتقوله ده ، كلام الأخوان ! ..

يتدخل الأخ فؤاد ، فجأة ، بعدما حضرالجزء الأخير من كلام حمادة ،
بيقولوا ايه الأخوان ؟! حمادة متسائلا ..
أشتري كتب حسن البنا ، وانت تعرف  ..  يقولها فؤاد مودعا ،
دفع حمادة ، خمسة عشرة قرشا ، ليحصل على كتيب صغير ،
 يحوي احدى رسائل حسن البنا ،
 بعدما توقف طويلا ، ليفهم مغزى عنوانه :
" رسالة المؤتمر الخامس "
قضى الليل كله ، مبهورا بالكلمات ، حتى حفظ منها ، مقاطع كاملة :
( ألجموا نزوات العواطف ، بنظرات العقول
 وأنيروا أشعة العقول ، بلهب العواطف
 وألزموا الخيال ، صدق الحقيقة والواقع
 واكتشفوا الحقائق ، في أضواء الخيال الزاهية البراقة
  ولا تميلوا كل الميل ، فتذروها كالمعلقة
 ولا تصادموا نواميس الكون ، فإنها غلابة
  ولكن غالبوها ، واستخدموها ، وحولوا تيارها
 واستعينوا ببعضها علي بعض
  وترقبوا ساعة النصر، وما هي منكم ببعيد ) !
لقد وجد ضالته ، ولم يبقى الا أن يجد تلك الجماعة العظيمة ،
 التي تحدث عنها هذا المجدد الفذ ، لينال شرف اللحاق بها ،
 وخدمة أمته ودينه من خلالها ، ولكن كيف ؟!

أنت لسه صاحي ، يا حمادة ؟! الحق نام لك ساعة ، قبل الفجر ،
معلش ياماما ، صابحين أجازة ، بمناسبة سته أكتوبر ، حمادة بصوت متهدج ،
نامي أنتي ، أنا هصلي ركعتين وأنزل للشيخ زغبي في الجامع ،
النبي حبيبك ، تسلم عليه ، وتقول له يدعى لنا ياحمادة ، ويدعي لأبوك بالهداية ،
ربنا يهدي الجميع ، يقولها حمادة ، مشمرا للوضوء ، ناظرا بتأثر لأخوته وهم نيام ،
ما أن يفتح حماده ، باب شقتهم في الدور الثالث ،
 حتى يهب كلبه العجوز عوكل واقفا ، ينفض غبار النوم عن جسده المترهل ،
 ليصعد السلالم ببطء ، حتى يلتقي صديقة المقرب حمادة في منتصفها ،
 يكاد يطير فرحا ببزوغه مع الفجر ،
 يرفع رأسه ناظرا اليه بحنان ، تتسارع هزات ذيله ،
  حتى اذا سلك حماده طريقه الى الجامع ، تبعه عوكل في خشوع ،

يدلف حمادة من باب الجامع ، مقدما رجله اليمنى ، متمتما بما حفظه من أدعية لدخول المسجد ..
بسم الله ، اللهم افتح لي أبواب رحمتك ..
 يسوقه قلبه الى موضع سجود جده ، في ركن قصي على يمين المنبر ،
 يصلي ركعتا تحية المسجد ، ويتنسم عطر روح جده ،
 ينتبه الي كف لينة حنون ، تمسح على رأسه ،
 ينتصب قائما بحب وتأدب  .. أهلا مولانا ، منكبا على يديه ، يهم بتقبيلها ،
 لينزعها الشيخ برفق ، مقبلا رأسه ، ايه النور ده ، راسك سخنة يا حبيبي ،
يطرق صامتا ، أبدا شوية فكر ،
مش أنت بس اللي يتيم بعد جدك ، يا حمادة ، وأنا كمان والله ،
أروح أرفع الأذان ، وبعد الصلاة ، نشوف مالك يا غالي ،
الله أكبر ، يصدح بها الشيخ زغبي ، ليهيج الذكرى ،
 شعر حمادة ، وكأن نسيم صباح السادس من أكتوبر ( 1978) ، المسبح من شباك المسجد المجاور له ،
 يرددها بشجن ، لشعوره بفتور ، يتزايد عاما بعد عام ، في استقباله ، بعد أن تعود الحفاوة ! 
تنساب دموع الفتى ، ويشهق ، الهي .. أسترددت جدي ، فصبرت ،
 وتخلى أبي فكابدت ، وتوجعت أمي فبررت وواسيت ،
 اللهم بحق محبتي لجنابك ، ووقوفي ببابك ،
 وشغفي بكتابك ، والتزامي درب محمد نبيك و حبيبك ،
شرفني بشرف خدمة أمتي وديني ، ونور لي الطريق ، نور لي الطريق يارب ،
السلام عليكم ، صليت سنة الفجر ، يا أخ حمادة ، عادل الزيني ، هامسا ،
مكفكفا دمعه ، مجتهدا في اخفاءه ، حالا ، أصليها ،
تقام الصلاة ، ليتألق الشيخ زغبي ، بتلاوته الغضة الطرية :
" وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ،
 وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ ،
 وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ " الأنعام:59 ..
 ليكمل حمادة نشيجه ونحيبه ، وكأنما يغتسل بدموعه من وعثاء سفر ،
ليتهيئ لسفر جديد !
مالك يا حبيبي ، خيرا ، تعالى ، قم مع حبيبك الشيخ زغبي ، نقعد في المكتب شوية ،
صلى على النبي أمال ، ووحد الله ، دا أنت مؤمن وطول عمرك راجل ،
يمسح دموعه بكمه ، اللهم صلي على كامل النور ،
الفاتحة على روح جدك الحاج جميل النادي ، عمود الجامع ده ،
 وان ربنا يهدي أبوك ، ويستر عليكم بحق جاه محمد ،
وأمة محمد يا شيخ زغبي ، مين يقرالها الفاتحة ،
لا اله الا الله ، أمة محمد لها رب ، ياحمادة يابني ،
واحنا يا شيخ زغبي ، نقعد نتفرج ، على نصرنا بيتخنق ،
 وأرضنا بتتحرق ، أطفالنا بتندبح ، وشرعنا بيترفض ، و ..

عارف ، والله عارف ، وآدي ذكرى النصر جاية ،
 ومش لاقية ريق حلو من القلب ، زي الأول ، الحب كله دلوقتي في السلام ،
بالك ياحمادة ، طب والملك القدوس السلام ، ربنا بريئ من السلام ده ، ده استسلالالالالالام ،
بس ايه بايدينا نعمله يا حمادة يا ابني ؟!
نعمل كتير يا مولانا ، زي ما النبي ، تعب وجاهد ،
 وعمل أمة أصبحت من أعظم الأمم ، من العدم والجهل والشرك والضلال ،
اللهم صلي عليك يانبي ،
اسمع يا شيخ زغبي ، أنا من النهاردة هادور على الأخوان المسلمين ، وامشي معاهم ،
ايه ايه ، بتقول الأخوان ؟! لاحول ولاقوة الا بالله ،
 وانت ايش عرفك سكتهم يا حمادة ، وانت من المدرسة للبيت للمحل ؟!
أنا اللي قريت عنهم ، وعجبني كلام الشيخ حسن البنا ، المرشد المؤسس بتاعهم ،
ياسنة سوخة يا حمادة ، دا أنت طول عمرك ناصح وعاقل ، الأخوان حتة واحدة !
جري ايه يا مولانا ، هو أنا قلت المافيا ولا حاجة ؟!
ياابني ، يا ضنايا ، ربنا يهديك وينزل على قلبك السكينة ،
الأخوان ، يعني سجن وبهدلة ، طب والنبي ، دا أمك تموت فيها ،
فينك يامعلم جميل يا نادي ، تيجي تشوف صاحبك ، اللي هيضيع نفسه ويضيعنا معاه ،
انت بتبالغ يا شيخ زغبي ،

ببالغ ، أمال ، أصلك ما شوفتش اللي كان جري للأستاذ سراج وأخته الست اصرار ،
 وكانوا من خيرة الناس الكمل ، على ايد الظلمة ، بهدلوهم يا ولداه ،
اسمع يا حمادة ، عايز ياابني تخدم الدين ، أتوكل على الله وأجتهد واطلع من الأوائل ،
 والجامع أهه ، جدك اللي شال حجارته على كتافه ،
 اعمل هنا اللي أنت عايزه ،
 تحفيظ قرآن ، محو أمية ، ساعد الغلابة ،
 أمال ، دا حتى ربنا بيقول في كتابه العزيز :
 " وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "  سورة البقرة – 195 .
قوم يا حبيبي ، قوم اتوكل على الله واسمع الكلام ، ربنا يهديك ،
يا حمادة ، مش هنمشي ، عادل الزيني ، متبرما ،
مستنيك من ساعتها ، مش عارف ايه مزاجك ، تتساير مع الراجل ده ؟!
دا شيخنا وحبيبنا ، وبلبل الجامع الصداح ،
صداح ؟! فيه شيخ معمم ، من غير لحية ، وتقولي صداح ، ياللا بينا ،
عايزين نروح نزور الأستاذ عبد الحفيظ المنياوي ،
اشمعنى ،
راجل داعية وملتحي ،واسمع ان عنده مكتبة كبيرة ، وبيعمل لقاءات أسبوعية للشباب ،
دا صحيح ، لكن احنا مالنا ،
يا أخي ، مش يمكن يطلع أخوان ، أو حتى يدلني عليهم ،
ليه ، هو انت قررت تمشي معاهم ، من كتاب قريته ،
بالضبط ، الكتاب كله أفكار عظيمة ، تتوافق مع طموحاتي ،

ماشي ، نجرب ، هطاوعك علشان بحبك بس ، لكن أنا مليش دعوة !
 خلاص لما نتقابل ، السلام عليكم ،
مع السلامة ،

3 comments:

  1. االله .....سرد رقراق ..آسر..( و تخطى النظرة الطفولية للبنات من حوله ، ليعيش حالة ذهنية مثيرة حالة .. تؤججها في وجدانه رائعة العندليب الجديدة ، فاتت جنبنا) !..ولكن لأنه ولد ، بلا وقت ، وحرم من ترف الفراغ .. بالكاد يكفي لتسبيلة عين ، وربما تنهيدة ،
    ، ليردعه النوم من الأسترسال!..عوامل الحرمان المستمره التى يعيشها (حماده..مع مراحل عمره وتنقله من مرحلة الطفوله الى مرحلة الصبا والشباب الذى تفتح فى ظروف تقهر دائما مشاعره ..وتغتصب منه الفرحه ..فكان الحرمان الدائم رفيقه ..وملازمه .. ثم تنقلنا الى مرحله أخرى أكثر حرمانا ..عندما يكابد (حماده ) ألم فراق جده وإنصراف أبيه الى حالة اللا مسئوليه ..التى دفع ثمنها حماده..حرمانه من طفولته وبواكير شبابه ..ولكن نرى أن تلك الظروف القاهره التى إعتصرت كيان (حماده( كانت السبب فى التوجه الربانى له أن يثقف نفسه أن يفكر أن يتأمل ..فأفاض عليه الله بموهبه ساحرة في حلاوة التعبير.. ، ..لا ننسى عوكل ..الصديق الوفى ..الذى كان يشارك حماده مشاعره ..فكان بينهما لغه خاصه بهما .........إنسابت دموعنا مع حماده وهو يبتهل الى الله ان، يشرفه بشرف خدمة أمته ودينه ، وينور له الطريق ، نور لي الطريق يارب ..كم إهتزت قلوبنا لدعائه ...تسلسل رائع للأحداث ...ينقلنا الى مرحله جديده مفاجئه لنا بالنسبه لحياة حماده ..أكثر تشويقا ..لتزيدنا شوقا لمعرفة القادم..ونحن فى إنتظار الأبداع

    ReplyDelete
  2. ما شاء الله مازال الاسلوب رائعا كما عهدناه اخاذ ياخذك الى عالم مختلف ويحلق بك عاليا ....اخذت القصة منحى مختلف حيث بدأ دور الواقع السياسى والدينى فى هذه المرحلة وقد تم علاجها بحرقية شديدة واسلوب راق ...فجزاك الله خيرا على ما امتعتنا به وفى انتظار باقى الحلقات .......عبير هبة

    ReplyDelete
  3. محمد العدويDecember 6, 2011 at 11:18 AM

    اظهر وبان يا اخوان هههههههههههههههههههههههههههه
    جميل والله ورائع ربنا يديمها عليك نعمة

    ReplyDelete