Search This Blog

Tuesday, November 15, 2011

العَصّارة - الحلقة الخامسة

الله أكبر ، توقظ حمادة ، فيفتح عينيه بهدوء ، كأن لم يكن نائما ،
الصلاة خير من النوم ، تسري في روحه ،
 وكأن الشيخ زغبي ، مؤذن الجامع ، يهمس بها خصيصا في أذنه هو !
ينهض نشيطا ، يتفقد أمه ، ليست في فراشها ،
 ليجدها مسمرة في شرفتها كما تركها !
مالك يا ماما ؟! انت لسه صاحية ؟!
وهو أنا من امتى بنام ياحمادة !
طب قومي وحدي الله ، وصلي الصبح ،
أنا هنزل أصلي مع الشيخ زغبي ، حسيت من الأدان ، كأنه بيناديني !
ربنا يهديك يا ابني ،
يذهب حمادة الي الجامع ، يتبعه  كلبه العجوز ، عوكل ،
 لينتظره أمام الباب ، حتى يطمئن على عودته سالما ،
يلمحه الشيخ زغبي عند تسليمه من الصلاة ،
 يهرع اليه حمادة بحب ،
أهلا أهلا بالغالي ابن الغالي ، مبروك النجاح ،
 الله يسامح المحل ، اللي خدك مننا ،
وابوك ، اللي كان عمود من أعمدة الجامع ، نسانا راخر ،
 معلش يابني ، ربنا معاكم ،

يعود حمادة مسرعا ليلحق بسوق الجمعة ،
 حيث يبكر بشراء السمن البلدي وجبن القريش ،
 والقشطة والرايب ، والأرز والخضار ، لأمه وجدته !
يوصل طلبات جدته ، ويعود لأمه بطلباتها ، وافطار أخوته ،
 يحلق شعره ، يستحم ، يلبس جديده ،
 ليصلي الجمعة ، مع جده ، في الجامع الكبير ،

اليوم عيد عند حمادة ..
 يقضي وقتا مع أخوته ،
 يلعب الكرة مع أصحابه ،
 ينعم بصحبة جده ، صديقه ،
 يرتع في الجوامع الكبيرة ، التي يحكي له جده تاريخها العريق ،
 ويتسلطن ، بالجلوس مع أصدقاء جده المقربين ،
 في مطحن البن ، عند الحاج ياقوت ،
 يلتقط كلماتهم القديمة الجميلة ، ويحاول حفظها ليضحك بها أصحابه ،
 ويستنشق رائحة تحميص البن ، و يطرب لطقطقة نار الخشب ،
 ويطير ، ويحلق عاليا ، بتدليل أصدقاء جده له ،
 وحفاوتهم به ، لعلمهم بغلاوته عند جده ،
 يصحبه المعلم حسونة ليشتري له الجيلاتي ،
 ويقسم عليه المعلم رمضان ، ليأخذ من يديه شلنا جديدا ، بيطرقع ،
 فيستجيب على استحياء ، بنظرة من عين جده ،
 أما الحاج يونس الكبابجي ، أحب أصدقاء جده ، وأقربهم اليه ،
 فيلهث وراءهم حتى منتصف الشارع ،
 ليحذيه لفة ورقية ساخنة ، تفوح منها رائحة ذكية ،
 فضلة خيرك يامعلم ، حاجة على ما قسم ،
 سلم على بابا ياحمادة !

بعد الغداء الوحيد ، الذي يظفر به كل جمعة ،
 بصحبة أمه وأخوته .. ونفحة الكباب ،
يصعد الى السطح مع أصحابه وأخوته ، وسلوى ،
 ليطيروا طياراتهم الورقية ، على شكل نجمة زاهية الألوان ،
ويشاهدون العم حافظ ، من فوق برج الحمام ،
يطير غية الحمام بصفير مميز من فمه !
وعندما تطفئ الشمس جمرها ، وترحل ،
 يصحب حمادة ، أمه وأخوته ، والعجوز عوكل ،
 الى بيت جده ، حيث تجتمع العائلة كل جمعة ،
 يصلي المغرب والعشاء بصحبة جده في المسجد الكبير ،
 وينصت معه لدروس العلم ،
 وينحشر وسط صحبة جده ، من المشايخ والعلماء ،
 الذين يحبون المعلم ، ويبجلونه ،
ليعود ومعه ، لفة البسبوسة بالقشطة ،
 يدسها في حجر أمه ،  لتدخرها لأخوته ،

قرآن الثامنة ينساب كنسيم عاطر ، يلف بيت الجد بالسكينة ،
 رغم ضجيج الصغار ومشاغباتهم ،
ينتهز حمادة فرصة غياب عمه ، العالم الأزهري ،
 الأستاذ ابراهيم ، العصبي غالبا ، المتوتر دائما ،
 ويتسلل الي غرفته ، ليتقلب بشغف فى رائحة الكتب ،
 ويتقافز بين صفحات تفيض بكلمات ، لا يستطيع قراءة معظمها ،
 وعناوين لايفهم مغزاها ..
 تفسير المنار ، الأمام محمد عبده ، رشيد رضا ،
العقد الفريد ، ديوان المتنبي ..
 أعداد كبيرة ، من مجلة العربي ، الفيصل ،
 يشاهد فيها صورا جميلة لمساجد وآثار ، وخطوط عربية واسلامية بديعة ،
 يغرق في تلك الغرفة السحرية ، لايخرجه الا ..  الأجتماع على العشاء ،
 ليسارع بالقفز مرة أخرى ، حتى يباغته عمه ، يرتبك ويهم بالفرار ،
 يحتضنه عمه .. ازيك يا حمادة ، بارك الله فيك ، انت بتحب العلم ؟!
 ان شاء الله ، تطلع عالم ، يسارع عمه الى الراديو متلهفا ،
 يحضره على مكتبه ، لينبعث منه صوت رخيم ،" لغتنا الجميلة " ،
 يمسك الأستاذ بورقة وقلم ، ويذهل عن حمادة ،
مما يثير فضول حمادة ، لينصت باهتمام ، كي يعرف ما يشد عمه لهذا البرنامج ،
 لم يفهم شيئا ، لكنه كان سعيدا جدا ، بعذوبة الصوت ،
 وروعة الأداء ، وسحر الكلمات ،
يزداد شغفه ب " لغتنا الجميلة " ، فيحرص على سماع البرنامج ،
 ويجهد لكتابة ما يسمعه ، ليحفظه ،
 ويذهب الي عمه الأستاذ ، ليعينه على فهمه ،
 حتى استقام لسانه ، وحاز ثروة لغوية وثقافية مبكرة !

 وتتوالي أيام الجمعة ، وتنصب خيمة العصاري وتنفض ،
ويكبر عالم حمادة الجديد ، فيكسب حيا جديدا جميلا ،
 ينعم فيه بمحبة الجميع ، لاسيما أصدقاؤه الجدد ،
 تزداد قوة تحمله ، وتتصاعد خبراته الحياتية المبهرة ،
 بالناس والبيوت ، بالشوارع والدروب ،
 بالبيع والشراء ، بالمكسب والخسارة ،
فأي عالم هذا الذي صنعه هذا الصبي ،
بالحب والبراءة ،
 بالضحك والفرح ، بالأصرار والصبر !

يخطو حمادة أول خطواته الى المرحلة الأعدادية ،
 بملابس جديدة ، وحذاء أنيق !
قلبه مرتاح ، مستبشر بقدوم الشهر الكريم ،
 الذي يقبل ، بلمسة .. كلمسة عيسى عليه السلام ،
 ينفخ في كل طين ، في القلوب والمشاعر ، فيكون طيرا بأذن الله !
كطير أبيه ، الذي عاد ، ليحط في البيت ،
فتدخل معه الشمس ، وترن الزقزقة ، ويتسع الرزق !
أخيرا يقف حمادة في البلكونة ، الي جوار أبيه ،
 المتربع على كنبته ، الأسطمبولي البيضاء النظيفة ،
 يتلو ويرتل برقة وخشوع ،

تهف نسمات العصاري الرمضانية ، محملة بروائح الطبخ الشهي ،
السمن البلدي ، ماء الورد والفانيليا ،
 تتطاير الأطباق الممتلئة ، من " فضلة خيرك " من باب الي باب ،
 تحملها أكف الصغار ، كباقات ورد ،
 من الخشاف وقمر الدين ، الكنافة والقطايف ،
 دوارق العرقسوس والتمر هندي ، مكعبات الثلج ،
كل الفقراء والمساكين ، مفتحة لهم الأبواب ،
ليختفي العوز ، وتتبدد الوحدة ، ويتوارى البؤس !

صوت الشيخ محمد رفعت ، يملأ ما بين السماء والأرض ، بشذى الريحان ،
تحت مظلة الرحمة الممدودة ..
 تنبعث أهازيج البنات ، المستحمات ، الزاهيات ،
 وتحلق طائرات الأولاد الورقية البديعة الأشكال ،
 تحفزها فرقعات البمب والصواريخ ،
بينما يتشاغل حمادة ، الملتصق بأبيه ،
 بتجهيز الفوانيس الملونة ، لأخوته ،
 ويعلق فانوسه الكبير ، في سقف البلكونة ،

ما أجمل زيارة جده ، ليلة أمس ..
اذ أقبل ، بقامته الفارعة ، وعباءته الجوخ ، وعصاه الأبنوسية ،
 ينزل من الحنطور ،
 تسبقه أشعة عينيه الصارمتين ، وهالة وجهه الوقور ،
  يحمل الرحمة والكرم ، الحب والفرح !
 تعب حمادة وأخوته ، في حمل ما أحضر جدهم من خيرات ،
 سكر أقماع ، تمر وزبيب ،
 لحم وطير ، وفاكهة كثيرة ..  وفوانيس ،
 لشد ما تبهره مهابة جده ،
 كلما زارهم ، اصطف سكان العمارة ، لتحيته والأحتفاء به ،
 تصافحه النسوة ، وقد غطين أكفهن بطرحهن ، حياءا واجلالا ..
 نورت وآنست ياحاج ، كل عام وانت طيب ،
 تعيشي يابنتي ، الله يسترك ، سلمى لنا على الأستاذ ..
أم حمادة التي عادت عروسا ..
 ردت فيها الروح ، وتورد خداها ، وكورتهما ابتسامة طال غيابها ،
تتدحرج بجسدها السمين على السلالم ، تتبع زوجها ،
 لأستقبال المعلم ، وتقبيل يده ورأسه ،
منحنيا ، منكسرا ،
نورت وآنست ، يامعلم ، بعودة الأيام ،
انت اللي نورت بيتك ، ورديت الدموية في وشوش عيالك ، يا حسين ياابني ،
ربنا يهديك ويخليهم لك ، وتنتبه لهم ولشغلك ، وتسيبك من الطاولة الي وكستنا ،
كله على الله يامعلم ، ارضى انت عني بس ،
 راضي وبدعيلك ، ربنا يصلح حالك ،
عنايات ، ازيك ياغالية ، الجد مرحبا هاشا ..
تنهال على يديه ، تقبلهما ، باكية ،
خطوة عزيزة يا حاج ، ان شاالله ماننحرم من دخلتك علينا ،
لزومه ايه التعب بس ، دا خيرك سابق ومغرقنا ،
ماتقوليش كده ، هنشيل لأعز منكم برضك ،
يغمزها بمبلغ من المال ، يبدو محترما ،
 يصعد السلم ممسكا يدها بحنان ، بينما تكفكف دموعها ،
أي شعور بالزهو ، يغمر حمادة ، يود لو يجمع أهل الأرض ،
 ليريهم جده الشامخ ، وأبيه العائد، وأمه البطلة الصابرة ،

ترتج البلكونة بحمادة ، مدفع الأفطار ، يهدر ،
 ليهدئه الشيخ زغبي بصوته الحنون العذب ، الله أكبر ،
 يزينها دعاء الصائمين ، بالستر والفرج ،
 و يشوش عليها فرح الصغار ، بنهاية العطش ،
كل بيوت الحي ، أبوابها مشرعة ..
حتى بيت الأستاذ بولس ، والدكتور بشاي ،
 أبناء الحي ، و المهجرين من مدن القناة ،
والفقراء القادمين الي الحي
( يستضيفهم المحسنين وأصحاب الأعذار المدينين بفدية )
 لاتفرق بين أحد منهم على الطعام ،
 فالحاج عبد الفتاح ، صاحب العمارة ، والد سلوى ،
 يفرغ صالة شقته الفسيحة من محتوياتها ، طوال الشهر الكريم ،
 ليفرش ثلاثة طبليات كبيرة ، يجلس اليها ، هو وأفراد أسرته ،
مختلطين بثلاثة أسر فقيرة ، يستضيفونها على الطعام ،
 طوال الشهر ، حتى صباح العيد !

 أما أم حمادة ، فترسله في صمت الي نسوة فقيرات ،
 يساعدنها في التنظيف والخبيز والغسيل ،
 لايخلو بيت في الحي ، من استضافة فقير !
ليبدو الحي وقد غشيته الرحمة ولفته السكينة ،
 يتداخل خبط الملاعق والأطباق ، الفوازير والضحكات ،
عبارات الحمد والثناء ، الشكر والمجاملات !

كما ساعد حمادة ، أمه ،
 في شراء مايلزمها من احتياجات رمضانية ، طوال النهار ،
وكان قريبا منها في المطبخ ، اذا احتاجت شيئا ،
 ها هو يرفع ما تخلف عن طعام الأفطار ،
 ليفسح المائدة ، لكنافة أمه الكريستالية ، الغارقة في السمن البلدي والمكسرات ،
التي تذهب العقل ، ببديع الصنعة ، و الطعم والرائحة !

ينتفض الكلب العجوز ، عوكل ، من رقدته الكسولة ،
 يبدو متحيرا ..
 بين التقاط طعامه ، من صديقه المقرب ، حمادة ، وبين الترحيب بعودة أبي حمادة ،
 فيظل يتقافز نشوانا ، بين أخذ الطعام من حمادة ، واعطاء الحفاوة لأبيه !

عادت يد أمه ، لتتعلق بذراع أبيه ،
 أضاءت فوانيس أخوته ،
 فعاد للعجوز عوكل ، شبابه ،
 ليتقافز ويعابث ، يتمسح وينبح !

على مدى البصر ،
 وفي الطريق الى البيت الكبير ( بيت الجد ) يتأمل حمادة ،
 كثافة المآذن المتلألأة بالضياء ، تنتصب للتراويح ،
 تشرف على قباب ، تلين وتنحني بالذكر والدعاء والتسبيح ،

ما ان يقترب حمادة وأسرته من بيت جده ، حتى يجتاح سمعه ،
 سعال أعمامه ، وأصواتهم الفوضوية الخشنة ،
 ضحكات النسوة المكتومة ،
 غناء الراديو ، وصياح الصغار ،

سلام عليكم ، كل عام وانتم طيبين ،
 يلقيها الأب بصوته الخامد ، لدى ولوجه من الباب ،
 لتختلط بها .. عواف ، بصوت فرح ، من أم حمادة ،
يحتشد الجميع ، الأعمام والنسوة وحتى الصغار ،
 تتداخل مصافحاتهم وقبلاتهم ، وتتقاطع كلماتهم ..
 ايه النور ده ، الله يعافيكي ياحبيبتي ،
 بعودة الأيام ياحسين يا اخويا ،
 تعال نلعب ياحسن ،
 وريني فانوسك يا نادية ..
 حسين جه ياولاد ؟!
 تتساءل الجدة ، بينما تنهي صلاتها ،
 لتجد ابنها الأكبر ، أبو حمادة ،
 منكفئا يقبل يدها ورأسها ، ومن خلفه أم حمادة ،
 بركة انك جيت ياابني ،
 ازيك يا حاجة ،
 ربنا يعيد عليك الأيام بخير ، ياحبيبي ،
 بعودة الأيام يانينة ،
 الهي ما اعدمك ياعنايات يابنتي ، ربنا ما يخيب لك رجا ، روحي ،
حمادة ،
نعم يانينة ، كل سنة وانتي طيبة ،
وانت طيب ، تعيش ياضنايا ،
فين أخواتك ، مع ولاد عمي محمد ، بيلعبوا ..
روح هات بن طازة ، من مطحنة الحاج ياقوت ،
 زمان جدك المعلم جاي ، بسرعة ،
حاضر ،
مالك يا نينة ، شكلك مشغولة ، تهمس أم حمادة ،
فيه ايه ياحاجة ، خير ، يتدخل أبو حمادة ،
أبدا ، من يوم ما أخوك منعم ، راح الصاعقة دي ، وأنا قلبي واكلني عليه ،
حتى آخر مرة ، مالحقش يقعد ، ورجع عالجيش على طول ،
ما تشغليش بالك ، بكرة يرجع بالسلامة ،
قومي اقعدي معانا ، الظاهر المعلم جه ،
 سامعة كحته ، تجذبها أم حمادة من يدها ،
يسود الهدوء والأدب ،
 برجوع الجد المعلم ،
 ودخول حمادة بالبن الطازة !

ما اثقل الفترة المسائية في المدرسة ، على نفس حمادة ،
عاشر نسمة ترف من أيام رمضان ،
 و لم ينتصر بعد ، على عطش الظهيرة ،
رؤوس الأولاد المتناثرة ، تتثاءب على المقاعد في كسل ،
تشعره وكأن المدرسة ، بنيت من قوالب من ملل وضجر !
شرارة جرس المدرسة ، التي انطلقت في غير موعدها ،
فجرت الجلبة والصياح ، في الفصول المستغرقة في الإنتظار  ،
 ليطير الجميع الى الشوارع ، فيجدونها خالية ،
والي البيوت ، فيجدونها صامته ،
ما الحكاية ؟! يتساءل حمادة مندهشا ..
 أزيز طائرات مرعب في السماء ،
 وأكوام بشر ، كلها آذان ، تصيخ السمع في  الأرض !
ينطلق صوت البيان الأول ، كطلقة مدفع ،
 ينفخ الروح فى أكوام الأنفاس المحبوسة ،
عبرت قواتنا المسلحة ..
الله أكبر ، يهتف بها الكبار والصغار ، الرجال والنساء ،
المشايخ واللصوص ، الأحياء والأموات !
الله أكبر ، تشدو بها الطيور ، تهمس الأشجار ، يتمتم التراب ،
يرددها النيل ، تستقبلها السماء !
يجري حمادة هنا وهناك ، تنهمر دموعه فرحا ،
 يردد مع مصر كلها ، الله أكبر ،
يتخيل عمه منعم ، بطل الصاعقة ، يقتحم الصعاب ويتحدي النيران ،
 ويعمل القتل في الأعداء ، كما كان يعده أن يفعل ، لو قامت الحرب ،
يشعر بفرحة ، لم يذق مثلها أبدا ، وكأن خريف أكتوبر ، صار ربيعا ،
 الوجوه الذابلة تتفتح ، العيون المنكسرة تلمع ، الأجساد الهامدة تنشط ،
البيوت والمساجد ، تضيئ ، الأشجار والشوارع ، تغتسل ،
الشمس تحن ، الهواء يصفو ، والعطش .. يذهب !
لشد ما يزهو حمادة بوطنه ، الذي يفيق ، ويهب لينتصر ،
 وبعمه الذي يشارك الأبطال في العبور ويقتحم ،

في مدخل العمارة ، يتكدس السكان ..
 تختبء سلوى بين الأقدام ، كعصفور مبلل ،
تتكور أمه محتضنة أخيه حسن ، وتترك ثيابها لنادية وسهام ، يتشبثن بها ،
حمادة ،
 نعم ياماما ،
الحمد لله ، انك جيت بالسلامة يا ضنايا ،
زمان نينة هتتجنن على عمك منعم ، هاحكم الصاعقة دول بيكونوا في الأول ياابني ،
الا فاضل على الغارة كتير ياحمادة ، تهمس أمه متسائلة ،
مش عارف ياماما .. بتسألي ليه ؟!
أصلي سايبة حلة المحشي على النار ، وخايفة تشيط ،
 يادوب خلصت لف الكرنب ، وقامة القيامة ، ونزلونا تحت ،
أنت عامله محشي ياماما ؟!
أمال ، ودكر بط كمان ،
 هناكل وننبسط ، وننتصر ،
 بعون الله ياحمادة .

13 comments:

  1. فى منتهى الجمال عقبال ما نقراها كامله فى كتاب قريب باذن الله

    ReplyDelete
  2. Beshoy Nabil KadamosNovember 15, 2011 at 8:13 PM

    أي شعور بالزهو ، يغمر حمادة ، يود لو يجمع أهل الأرض ،
    ليريهم جده الشامخ ، وأبيه العائد، وأمه البطلة الصابرة ،
    كدت إن أشعر معه بالذهو , لدقتك فى التعبير و أسلوبك الرائع فى الوصف

    عبرت قواتنا المسلحة ..
    الله أكبر ، يهتف بها الكبار والصغار ، الرجال والنساء ،
    المشايخ واللصوص ، الأحياء والأموات !
    الله أكبر ، تشدو بها الطيور ، تهمس الأشجار ، يتمتم التراب ،
    يرددها النيل ، تستقبلها السماء !
    يجري حمادة هنا وهناك ، تنهمر دموعه فرحا ،
    يردد مع مصر كلها ، الله أكبر ،

    إنهمرت دمعى معه و أقشعر بدنى كله و انا أتخيل تلك اللحظات , يالها من فرحة لا تساويها أى فرحة فى العالم , أتمنى إن أحضر فرحة مماثله عندما تعود مصر لسابق عهدها :)

    ReplyDelete
  3. هناكل وننبسط ، وننتصر ، بعون الله يا "مصر"

    ReplyDelete
  4. الكاتب خالد الشرابيNovember 15, 2011 at 9:52 PM

    الصراحه كل حلقه احسن من اللي قبلها وكفاية تشويق يا ا استاذ محمد هههههه ويارب نشوفها منشورة ان شاء الله ....أسعد الله أيامك

    ReplyDelete
  5. اسعد الله صباحك _ جميله جدا تلك العصارة _ ننتظر قادمك يا مبدع

    ReplyDelete
  6. الله يحفظك .. أبدعت كالعاده استاذي.

    ReplyDelete
  7. رائعة كالعادة ،الحلقة 6و7 الرجاء ارسالهم لي لانني لن اكون متواجدة خلال هذه الفترة ،وشكرا .

    ReplyDelete
  8. انا مش ناسيه موضوع الحلقات .. ومتحمسه جدا اقراهم .. بس الصحافة مش سايبه وقت للواحد يقرا وعيش مع قصصك الجميله ..بيوحشني حماده على قد مابيوجع قلبي بالظلم الواقع عليه... اشكرك واشكر قلمك استاذي الكريم

    ReplyDelete
  9. قصه رائعه انتظرها و اعيش فصولها لانها تجسد فئه كثيرة من مجتمعنا توصلها الينا ببراعه تحياتى لك يا مبدع

    ReplyDelete
  10. أخيراً أم حماده فرحت :) جو رمضان و عودة أبو حماده و عبور القناه فى حلقه واحده إيه الكرم ده..بس رائعه حسيت بالدفء بعد ماقريتها ، إهتمامك بالتفاصيل رائع ..نقل لى أجواء رمضان السحريه القديمه التى تعد الآن للأسف وكأنها تراث قديم شكراً لحضرتك منتظره المفاجآت .

    ReplyDelete
  11. اليوم الثلاثاء22 نوفمبر موعد الحلقة السادسة ؟؟؟؟؟؟اين هي ؟؟؟

    ReplyDelete
  12. الله أكبر ، يهتف بها الكبار والصغار ، الرجال والنساء ،
    المشايخ واللصوص ، الأحياء والأموات !
    الله أكبر ، تشدو بها الطيور ، تهمس الأشجار ، يتمتم التراب ،
    يرددها النيل ، تستقبلها السماء !
    يجري حمادة هنا وهناك ، تنهمر دموعه فرحا ،
    يردد مع مصر كلها ، الله أكبر ، ......................................ٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍ...الله أكبر ....هتفت بها قلوبنا مع حماده ...عبرت فرحة قلب حماده صدره الى صدورنا ..وإنتشينا لفرحته ....تحياتى لك أيها المبدع ..وبارك الله فى قلمك ...وبارك لك فى الخيال المبدع...........................................ابداع

    ReplyDelete
  13. محمد العدويDecember 6, 2011 at 10:48 AM

    الله الله عليك يا أستاذ
    خليتنا نزعل لزعل حمادة ونفرح لفرحه ونقلتلي صورة الفرحة بأكتوبر والتي كنت أتمنى أن أراها
    عقبال مانفرح بمصر قوية شامخة أبية تاني

    ReplyDelete