الحمد لله ، ازيك يا أخ عادل ،
الحمد لله ، مش هتقولي عملت ايه امبارح مع الأستاذ عبد الحفيظ ،
سيبك من الناس دول ، احنا نتوكل على الله ، ونعمل نشاط بنفسنا ،
ازاي ؟! عادل مستغربا !
زي الناس ، لا احنا صغيرين ، ولا أقل من اللي عملوا وقلبوا الدنيا ،
برضه ازاي ؟!
نعمل جماعة اسلامية في المدرسة ، ونشتغل دعوة وأنشطة ، الشباب متعطش ،
انت ناسي انك في مدرسة عسكرية ؟!
لأ مش ناسي ، بس أعتقد أن الأتجاه الأسلامي النهاردة مكتسح ، وصعب ان
حد يصطدم بيه ،
لاسيما ، بعد خروج الأخوان من
المعتقلات ، واستحواذهم على جزء كبير من
الجماعة الأسلامية ،
وضعف السادات نسبيا أمامهم ..
وبعدين انت مصدق أكذوبة المدرسة العسكرية دي ،
دي كانت هوجة لزوم جو الحرب ،
دلوقتي احنا بقينا آخر .. سلام !
طب بسرعة شوية ، الطابور هيبدأ ، عادل مهرولا ..
حمادة ، انت ياض ،
ملتفتا .. الأطروش ! ازيك ياهشام ، فينك ..
يزعق البروجي ( آلة نفخ تصفر للنداء ) ،
ايذانا بالجمع للطابور ،
أقف يابني انت وهو ، أنت يابني آدم ياللي بتتساير هناك ..
أي بني أدم هلاقيه مش لابس
آيش ( حزام عسكري )
وكاب ومقفز بيادته ( رابط
حذاؤه العسكري كاملا ) ، هيتشد ،
كتيبه .. صفا ، كتيبه ..
انتباه ،
بقولك ايه ، نتقابل في الفسحة عند المسجد ، حمادة هامسا يتلفت ،
للأطروش ،
يهرب حمادة من ملل الطابور ، وشخط ونطر وصراخ سيادة الرائد المشرف
عليه ،
الي التأمل في المكان من حوله
، وكأنه يراه للمرة الأولى ،
فقد أصبح يعيد النظر في
الأماكن والبشر من حوله ،
فيراهم بعين قائد مسئول عن
سلامتهم ،
أو صاحب رسالة مسئول عن
هدايتهم !
مدرسته الضخمة العريقة ، تبدو كثكنة عسكرية ،
مدخل مهيب ، أسوار عالية
أشجار كثيفة باسقة ،
تبة لضرب النار ، ملاعب
متنوعة ، مكتبة ضخمة ،
مسرح فخيم ، مقصف كبير لأطعام قرابة الألفي طالب ،
يبدو السيد مدير المدرسة في
مشيته وبذلته ، كوزير ،
أما السيد العميد قائد المدرسة، فيمشي مختالا برتبه العسكرية اللامعة
.. كطاووس ،
دقة صفا وانتباه من ألفي قدم
شابة مزودة بزوج من الأحذية العسكرية ( البيادة ) ترج الأرض رجا ،
أما تحية العلم ، فيهتز لها
المبني ، ميكروفونات تزعق وحناجر تصرخ ..
والآن مع القرآن الكريم و
الطالب أحمد عرجان ،
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم
" وَجَاهِدُوا
فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي
الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ
الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ
وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ
وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ
صدق الله العظيم ،
والآن مع الحديث الشريف ، والطالب ..
الهي ، كم من هؤلاء الشباب انتبه لتلك الآية ؟!
وماذا لو وجدوا من يأخذ بايديهم ليعيشوها واقعا ، ويتمثلوها فكرا
ومسلكا ،
ترى كيف سيكون حال بلادي لو
وجد شبابها من يؤسس بنيانهم على تقوى من الله ، وجهاد في سبيله ،
على الشغف بالعلم ، والتطبع
بالأستقامة ، والتحلي بالخلق ، والتزين بالرياضة ؟!
بدلا مما يبديه الكثيرين من مراهقة وتفاهة ، وتدخين السجائر ، وسب
الدين ومعاكسة البنات ،
لماذا لا تبدأ بنفسك أنت ياحمادة ، أبدأ بنفسي ؟! كيف ؟! تتحدث اليهم
في الطابور .. أنا ؟!
دور الطابور ، كتيبة صفا .. كتببة انتباه .. معتادا .. مااااارش ..
جرس الفسحة يدق ، ليحني حمادة جبهته ويضبط حركة يديه على أذنه ، يشفط
حجابه الحاجز ،
لينطلق صوته كصاروخ وقوده
الأخلاص و التأثر .. الله أكبر .. الله أكبر
..
لتلتفت المدرسة عن بكرة أبيها .. يجري عادل ليحضر الحصير الغارق في
تراب التقصير والكسل ،
يتسابق الأطروش و عرجان لفرش
الحصير ، يتزاحم آخرون على الوضوء ،
يرقبهم المتكاسلون في خلع البيادات ( الأحذية )
العسكرية ،
يتقدم حمادة ليأمهم في الصلاة
.. في مشهد أسال مدامع هشام الأطروش ،
ليحتضن حمادة بعد الصلاة ،
دايما أنت اللي بتحيينا ياحمادة ، وزي ما بتضحكنا ، تبكينا ،
يهب حمادة واقفا بعد أن لمح نادر جورج ، ليقذفه نادر ببسكويته في يده
، ضاحكا ..
أعمل ايه مش عارف أطولك ،
أستناني ، هخلص وأجيلك .. يجيبه حمادة ببسمة ود ،
يتشجع حمادة ويقف خطيبا في زملائه ..
بسم الله الرحمن الرحيم ، من
النهاردة ياجماعة عايزين نقيم صلاة الظهر جماعة في المدرسة ،
فالصلاة عماد الدين ، ياريت
كل واحد فينا يجذب أكبر عدد من الزملاء للصلاة معنا ،
علشان عايزين نعمل جماعة اسلامية ، وننظم نفسنا ، ونعمل أنشطة ورحلات
ومعسكرات وندوات ،
أنا عليا أجيبلك العيال اللي معايا في الكشافة ، هشام الأطروش مبادرا
متحمسا ،
وأنا هتفق مع الأستاذ اسماعيل حسونة ، مدرس الدين ،
نجتمع معاه بكرة في المكتبة ،
ونشوف موضوع الجماعة الأسلامية ده ، عادل الزيني مشاركا ،
وأنا عليا أرتب لكم الأذاعة ،
احمد عرجان قارئ القرآن ،
لتنتهي الفسحة ، وتبدأ خطوات حمادة في التسارع ، للحاق مبكرا بقطار
العمل الأسلامي ..
ولكن عليه أولا أن يلحق بمحل عمه القريب من المدرسة ،
لينهي بأقصى سرعة تنفيذ ستة
قطع من الشغل تخصص له ،
ليعود الي البيت منهكا
ومعه الجنيهات الثلاث ،
يستعين بالصبر والصلاة على مذاكرة دروسه ، ومساعدة أخوته في واجباتهم
..
الى أن يفلح النوم في تخليصه
من براثن الأيدي التي تتنازعه ،
فيخبئه منهم تحت غطاء الليل ،
ويضمد جراح ظهره من لسع كرابيج الوقت الني تصليه ،
فينام منشغلا بأب يحلم بعودته
، وكتب يحلم بشرائها ، وبجماعة يحلم بتكوينها !
حتى يهمس الفجر في أذنيه بصوت الشيخ زغبي العذب .. الصلاة خير من
النوم ،
ايه ياسيدي ، يعني في الأجازة المحل واخدك مني ، وفي الدراسة المذاكرة
..
وتيجي تصلي وتجري .. طب حبيبك الشيخ زغبي يشوفك ازاي ؟!
حرما يا مولانا ، واحشني والله ، وعايز أفضفض لك ..
وماله يا حبيبي ، ربنا يهدي سرك ،
مش لاقي وقت أفوت على بابا ، وهو مش سائل فينا ، نفسي أفهم لغز بابا
ده ، قلبي انفطر يا مولانا ،
سلامة قلبك ياابني ، وحد الله ، دهدي ، دا انت ماشاء الله عليك، ربنا
أعطاك قلب مؤمن ،
شوف ياحمادة ، من هنا ليوم الجمعة بعون الله ، أنا هفوت عليه ، على أد
ما أقدر ،
وبعد فجر الجمعة نقعد نشوف
الوضع ايه ، أني متأكد ان أبوك المرة دي راجع ، وربنا هيهديه ،
أبوك دا راجل طيب ، بس ظروف هحكيهالك ، هي اللي عملت فيه كده ،
ربنا يخليك يا مولانا ، ولا يحرمنا منك أبدا ، يادوب ألحق ، علشان المدرسة ،
يخرج حمادة مسرعا من باب
المسجد ، ليتعثر في عوكل ،
وقد أرخى جسده على الأرض ،
وقد أرخى جسده على الأرض ،
كمن طال عليه أمد الوحدة ،
وأضناه طول الملل ،
ذهل حمادة عن كل شيئ ، وجلس
الي جوار عوكل ، يمسح على رأسه بحنان ،
مالك ياصاحبي ، كسلان ليه ،
مش عوايدك ..
يجهد عوكل ليرفع أجفانه
الثقيلة ، ويرمق حمادة بنظرة ملؤها الشوق اليه ، والخوف عليه ،
نظرة يلمح حمادة فيها
استئذانا للرحيل ، تنساب من عينيه دمعه ، لاحول ولاقوة الا بالله ،
بلاش ياعوكل تعاقبني على
انشغالي عنك ، كفاية كلهم بيعاقبوني على ذنب ما اعرفوش وماعملتوش ..
يتحامل عوكل على نفسه ، كي لا يسترسل صديقه في تعذيب نفسه ،
وكأنه يقول له ، هون عليك ،
أنا بخير ..
فيقف على أربع ، متصنعا هز ذيله ، ويتقدم حمادة ببطء ، الى محل الفول
، فبائعة اللبن ،
و يظل يجهد حتى يرجع الي البيت ،
يصعد حمادة السلالم ، ملتفتا لم ينزل عينه عن عوكل ،
الذي لم يلبث أن أرتمى لدى الباب ،
الذي لم يلبث أن أرتمى لدى الباب ،
ليغمض عينيه هربا من نظرات
حمادة التي تفتت كبده ،
صباح الخير ياماما ،
صباح النور ياحبيبي ، اتأخرت ليه ، مالك ؟! وشك متغير كده ليه ؟!
أبدا ، عوكل شكله مش عاجبني ، ياريت تخللي سونة يحميه كويس ، واعملي
له أكل كويس ،
دامعا ، قلبي حاسس اني هارجع
مش هالقيه ،
اتوكل على الله بس ، وما تشغلش بالك ، أنا هبعت لراضي التمرجي يجي يبص
عليه ،
لو عوكل جرى له حاجة مش هسامح نفسي ياماما ،
بعد ما ونسني وحسسني
بالحب ، أهملته وأنشغلت عنه ،
يا حول الله يارب ، ياابني ، ما تحرقش دمي عالصبح ، ارحم نفسك ، حتى
الكلب هتشيل نفسك ذنبه ،
ياللا أخواتك مستنينك على الفطار ، قوم أفطر واتوكل على الله ، أحسن
تتأخروا ،
سونة ، تيجي من المدرسة ، تروح لعمك راضي التمرجي ،
تخليه يبص على عوكل ويشوف
ماله ، وتحميه كويس بالصابون ،
وبميه دافية ، وتاكله ..
وبميه دافية ، وتاكله ..
علشان خاطري خد بالك منه لحد
ما آجي يا سونة ،
حاضر ياحمادة ،
ماله عوكل ياحمادة ، سهام ونادية في نفس واحد ،
ان شاء الله هيبقى كويس يابنات ،
ياللا بينا ، قولوا دعاء الخروج ، بسم الله توكلنا على الله ،
واد ياحمادة ، انت لافطرت ، ولا هتاخد فطار ، وبعدهالك ، خد فطارك وما
تقطعش قلبي ،
حاضر ،
يتحلق حمادة وأخوته حول عوكل الذي يبدو أقرب الى الميت منه الى النائم
،
يمسح كل منهم على رأسه ، بينما ينصرف حمادة هامسا ، سامحني يا عوكل ..
ياللا ياحمادة أتاخرنا ، عادل الزيني قلقا ،
السلام عليكم ، ازيك يا أخ عادل ،
مالك كده زي ماتكون معيط ،
أبدا ، عوكل تعبان ،
تقوم تزعل وتعيط ، بتعيط على كلب ؟!
فيه مؤمن يخللي في بيته كلب ،
انت مش عارف ان الكلاب بتمنع الملايكة ، أنت ..
حمادة ، مقاطعا ، يجاهد الأختناق ، والرجل الذي أدخل الجنة بسقيا كلب
، ماذا عنه ؟!
ماقلناش حاجة ، دا كان في الصحرا ، انما تجيبلي النهاردة كلب نجس في
بيتك ،
علشان ينجسك ويمنع الملايكة وتقولي معرفش ايه .. ده كلام ،
كلمات عادل المصحوبة بالغضب والرذاذ ، أحيت لدى حمادة هاجسا يقبع في
أعماقه ،
ليطفو على السطح من آن لآخر ،
ألا وهو ..
قلقه الدائم مما يبديه بعض
المتدينين من قسوة وفظاظة ، وضيق أفق وانغلاق ،
فبقدر ما هو متشوق لأداء واجبه الوطني والديني ،
بقدر ما هو متخوف من الأحتكاك
بأمثال تلك العقليات المسطحة !
فهو يحب التسامح والتنوع ، والعقلية المثقفة المنفتحة ، واسعة الأفق ،
ترى ،هل سيعتبرونه مجنونا ، أذا أخبرهم بأنه يحلم بتدين فنان ، وبفن متدين ، يلف الحياة كلها ،
أنت رحت فين ، انت مش عجبك
كلامي ولا ايه ؟!
لأ ، ازاي ..
نادر ، يا نادر .. يلتفت نادر جورج فرحا .. حمادة ، أخيرا ،
وبرضه بتناديني بعد ما الطابور قرب ،
معلش يانادر ، غصب عني ، أنت عارف مشكلة الوقت عندي ،
انت برضه بتروح المحل بعد المدرسة ؟!
ساعتين بس تقريبا ،
ولو ، دا أنت في ثانوية عامة ،
ربك هيسترها يانادر ،
طب ، سلام ، أشوفك في الفسحة ، دا اذا فضيت لي يعني ، مبتسما ،
ان شاء الله
بعد أذنك يا أستاذ سعد ، ممكن نستأذن لمحمد حسين جميل النادي ،
أصل الأستاذ اسماعيل حسونة بتاع الدين عايزة في المكتبة ،
اتفضل ياسي محمد يا نادي ،
اتفضل ياسي محمد يا نادي ،
شكرا يا أستاذ ،
طرقات مهذبة على باب المكتبة حيث يتصدر الأستاذ اسماعيل ، اجتماعا
للطلبة الراغبين في عمل جماعة اسلامية ،
السلام عليكم ،
وعليكم السلام ، تعال يامحمد ،
احم احم ..
بسم الله الرحمن الرحيم ( .. إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آَمَنُوا بِرَبِّهِمْ
وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ) الكهف 13 ،
وقال الرسول الكريم عليه
الصلاة والسلام :
( بعثت بالحنيفية السمحة ،
فناصرني الشباب ، وخالفني الشيوخ ) ،
شوفوا يا ولاد أنا تأثرت جدا
بمبادرتكم دي ، وخجلت من نفسي أنكم سبقتونا ،
فتذكرت الآية الكريمة ،
والحديث الشريف دول ، فبالفعل يا ولاد أنتم أمل هذه الأمة ،
لتعيدوا الأسلام الى حياة
الناس بعد أن غاب عنها ، أو غيب عنها ،
ودلوقتي أحب أعرف ، مين صاحب الفكرة الطيبة المباركة دي ؟!
الكل في نفس واحد ، حمادة يا أستاذ ،
حمادة مين ،
أنا حضرتك يا أستاذ ، اسمي محمد حسين جميل النادي ،
بس اصحابي بيقولولي يا حمادة ،
بس اصحابي بيقولولي يا حمادة ،
عاشت الأسامي ياسي حمادة ،
وايه اللي خلاك تفكر في الحكاية دي يا ابني ؟!
أبدا يا أستاذ ، علشان احنا كشباب نشغل نفسنا بحاجات مفيدة وناخد ثواب
،
بارك الله فيكم ، حيث كده ، طب مانسميها الجماعة الدينية ، وبلاش
الأسلامية دي ،
ما هو حضرتك ، الدينية دي كلمة عامة ، تمشي على أي دين ،
لكن لما نقول اسلامية علشان
يكون دا عنوان لدعوتنا ،
بس خدوا بالكوا ، تطرف ، لأ ، اعملوا معروف ، من أولها كده ، آه ..
احنا يا أستاذ عايزين نعمر المسجد علشان نشجع أكبر عدد من الزملاء على
الصلاة ، عادل الزيني مشاركا ،
أيوه وعايزين ننظم حلقات لتحفيظ القرآن ، أحمد عرجان ،
والأنشطة ..
بتقول ايه يا أطروش ؟!
بقول لازم نعمل أنشطة رحلات ومباريات وكده ، علشان العيال ما يزهقوش
ويقولك دول معقدين ،
أيوه .. أهم حاجة عند هشام الأطروش ، اللعب والتهريج ، يابني دي دعوة
اسلامية ، عادل الزيني غاضبا ،
بقولك ايه يا شيخ عادل ، الأطروش متحفزا ..
خلاص ياجماعة ، مش من أولها هنختلف ، وبعدين اعملوا حساب للأستاذ
مايصحش ، حمادة هامسا ،
بعد أذن حضرتك يا أستاذ ،
اتفضل يا محمد ،
احنا عايزين نتمثل الأسلام بشموله الجميل ، في أنفسنا ، وندعو اليه
الشباب بالحكمة والموعظة الحسنة ،
فيلاقوا عندنا كل حاجة بيحبوها وتفيدهم وتسليهم وتفرغ طاقتهم ، بس
مصبوغة بصبغة الأسلام ،
الله الله ، بارك الله فيك ياابني ، هو دا الكلام ، انت جبت الكلام دا
منين ؟! والدك بيشتغل ايه ؟!
دا أبوه معلم خراط يا أستاذ ، عنده ورشة خراطة مشهورة في السوق القديم
، الأطروش مفتخرا ،
والدي .. الآن يعمل في الشركة الهندسية ، عمي عالم أزهري ..
واتعلمت منه حاجات على أدي ،
حمادة متأثرا ،
ماشاء الله عليك ، طب أنا هسيبكوا تختاروا أمين للجماعة ، وتعملوا
برناج عمل ،
ونتقابل تاني ، اتفضلوا على
فصولكم ،
عادل يا زيني ، هتدروشلي من أولها ، انت حر ، الأطروش ملاحقا الزيني ،
بقولك ايه يا حمادة ، فهم هشام الأطروش انها مش نادي ، دي دعوة وأمانة
،
خلاص يا أخوانا ، لازم يكون عندنا اخلاص وبيننا أخوة واحترام من الأول
،
ايه رأيكم ، نخللي الأستاذ اسماعيل ، يجيب لنا اذن نتقابل هنا في
المدرسة يوم الجمعة العصر ،
علشان نحط خطة وبرنامج ونوزع
الأدوار ،
ماشي ، هروح أقوله ، أحمد عرجان ، مبادرا ،
السلام عليكم ، ازيك ياعمي ،
ازيك ياحمادة ، شغل امبارح معجبنيش ،
حاضر هراجع عليه ،
شد حيلك شوية ، الشغل شغل ، دي حاجة ناس ،
حاضر ،
فوت على طنط وأنت ماشي ،
حاضر ،
يصعد حمادة الي حيث توفيق ، ازيك يا توفيق ، فين شغل امبارح اللي مش
عاجب عمي ؟!
أهه ، معلش ، أنا عارف انك بتيجي من مدرستك تعبان ، ووراك مذاكرة ، بس
أنت عارف عمك ، يهودي !
مش مهم ، أنا نفسي بس ، يسألني عن دراستي ، ولا يسألني عن بابا ، بلاش
ياسيدي يبذل أي جهد في اعادته ،
ولا يزور أخواتي ولو مرة في البيت غير العيد ، اللي عمره ما أداهم
عيدية فيه ، لازم ياخد شغل علشان يعطي !
وحد الله ياحمادة ، والحق خلص علشان تاخد يوميتك وتروح ،
السلام عليكم ، ازيك يا نورا ، فين ايهاب ،
مين يابت ،
حمادة ابن عمي ياماما .. ايهاب بيرجع من المدرسة ينام ،
أمال ، مش في الفرير ، انما احنا عسكرية ، يعني رجولة ، مفيش نوم ،
ايه يا حمادة ، انت متجيش الا ما ابعتلك ، خش أغسل وشك وايديك على ما
أحط لك تاكل ،
اعفيني يا طنط ، والله مافي وقت ، وماما هتقلق ،
اسمع الكلام ، وما لكش دعوة بماما ، وقت ايه ، يعني مش هتاكل ،
عملالك محشي على مزاجك ، يدفي قلبك ، وعاملة حلة صغيرة تاخدها لأخواتك
،
روحي يا نورا صحي الواد ايهاب ، يقوم ياكل مع حمادة ،
أشهد ألا اله الا الله ، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من
المتطهرين ..
الأستاذ ايهاب ، صح النوم ياكسلان ، هيه صليت العصر ،
هصلي أهه ،
دا كلام ، الحق قبل المغرب ما يدن ،
بالراحة طيب ياعسكري ،
أفرشي المصليات يا نورا ، علشان نصلي المغرب جماعة ، المفروض نصلي في
المسجد ، لكن ماما ..
مالها ماما ، تباغته زوجة عمه ، أنت حمبلي ، الصلاة بعد الأكل ،
وبعدين مش دي جماعة برضك ،
ياللا ، الأكل هيبرد ،
يالروعة طعام زوجة العم ، الذكي الرائحة ، من فرط السمن البلدي الخالص
،
الشهي الطعم ، كطبخ أمه الذي
لايقاوم ، من جودة التسبيك والتسوية على نار هادئة ،
البخار المتصاعد ، وصوت خرخشة
تفسيخ الفراخ العتاقي المشوية ،
وذراعي زوجة العم المشمرتين
البيضاويين ، يسيل منهما الدسم ،
يتهادى على أنغام ارتشاف نهم
للشوربة ، وايقاعا صاخبا لخبط الملاعق ..
انبوب سحري يشفط حمادة ليصبه
في مغطس فردوسي ،
يغسل فيه أوضار أيامه الهائجة
كثور باطش أعمى ، لايعرف الا الدهس والركل ،
قولي ياحمادة ، الا صحيح انت عندك بندقية في المدرسة وبتضرب نار ،
كل ياواد وانت ساكت ، أمه زاجرة ،
هو فيه بنادق بيدربونا عليها وياخدوها تاني ،
طب ممكن ياحمادة اطلب منك خدمة ، نورا ملوحة بشوكة غرستها في اصبع
محشي ورق عنب ،
اتفضلي ياست نورا ،
تجيب البندقية بتاعتك دي ، وتيجي تفرغها في الميس ليلي بتاعة
الفرنساوي ،
أصل رذلة أوي وغبية وشدتني من
شعري ،
كلي يابت واتربي ، حد يقول كده على أبلته !
الحمد لله ، الذي أطعمنا
وسقانا وجعلنا مسلمين ، اللي يخلص أكل ياولاد يقول الدعاء ده ،
بالله عليك ، انت عايز تفرسني ، ياحمادة ،
ليه بس ،
هو أنا عامله دا كله لمين ياواد ؟! انت بتاكل أكل عصافير ،
والله أكلت وشبعت ، تسلم ايدك يا طنط ، ياللا ، هيه كله يجهز لصلاة
المغرب ،
هو كل حاجة بتعملها بتقول دعاء ليه ياحمادة ، ايهاب متسائلا ،
لأن النبي علمنا كده ، علشان ربنا يكون معاك في كل أحوالك ،
وكل حاجة عادية بتعملها ،
تتحول الى عبادة تاخد عليها ثواب ،
ايه ده ، حتى الأكل ..
الأكل والشرب والنوم .. واللعب كمان ، ما دمت بتعملها لله ، تصبح
عبادة !
السلام عليكم ورحمة الله ، السلام عليكم ورحمة الله ،
حرما ياحمادة ، والنبي يابني ، بتيجي البيت تنوره وتملاه بركة ، ربنا
يسترها معاك ويخليك لمامتك وأخواتك ،
تقبل الله ، ياطنط
الا مفيش أخبار عن بابا ؟!
ان شاء الله جاي البيت ، يوم الجمعة ،
اياك على الله يركز النوبة دي ، قادر ياكريم ، تهديه لولاده يارب ،
خد يا حبيبي ، نايب أخواتك ، وروح شوف مذاكرتك ، ياللا ربنا معاك ،
اللــــــــــــــــــه.....
ReplyDeleteكاتبنا المتألق يحلق بنا مجددا فى متعة سرمديه تفصلنا عن واقعنا لنعيش مع " حماده " فى عالمه ....ونجد..أن الظروف السابقه التى عاشها من صبر ،ومكابده ،وحرمانه من طفولته ،كانت البوتقه التى انصهر فيها ،كى تتشكل ملامح لشخصيته وهو على أعتاب مرحلة الشباب..وهى "إراده ربانيه "لتوجهه الى الوجهه التى إرتضاها له ربه ..فقد دعا الله مخلصاً :أن يشرفه بشرف خدمة أمته..، وينور له الطريق ،، وقد كان ...... فنلمح فى هذا الفصل التوجه الربانى الذى منحه الله إياه متمثلاً فى : فكره الصامت المتأمل فقد أصبح يعيد النظر في الأماكن والبشر من حوله ، فيراهم بعين قائد مسئول عن سلامتهم...او أو صاحب رسالة مسئول عن هدايتهم !واصبح نور هداية ربه ينير له إتجاهاته الفكريه..فيوجهه لقيادة زملاؤه نحو تقوى الله وجهاد فى سبيله ... لينطلق صوته كصاروخ وقوده الأخلاص و التأثر .. الله أكبر .. الله أكبر يتقدم حمادة ليأمهم في الصلاة .. في مشهد أسال مدامع هشام الأطروش ،
ليحتضن حمادة بعد الصلاة ، دايما أنت اللي بتحيينا ياحمادة ، وزي ما بتضحكنا ، تبكينا ،.......(((نرى أن شخصية حماده مختلفه ومتفرده..)))دائما متسلحا بإيمانه بالله وكان وقوده فى مكابدة مسئولياته فى الحياه الصبر والصلاه .وما كان يخلصه من براثن الأيدي التي تتنازعه الا (النوم إن أفلح) فيخبئه منهم تحت غطاء الليل ، ويضمد جراح ظهره من لسع كرابيج الوقت الني تصليه ، [فينام منشغلا بأب يحلم بعودته ، وكتب يحلم بشرائها ، وبجماعة يحلم بتكوينها وتنقلنا معه إلى رفقه "بعوكل" .الذى بدا مريضاً ...الى وصفه الممتع للطعام الذى تناوله فى بيت عمه .حكاء متميز .....ينثر أفكاره عبيراً..فى إنتظار الجديد ..وفقكم الله ... ابداع ......................................................................................................